كون كلّ ما أمروا به عبادة يجب فيها قصد التّقرب ، كما هو مراد الأكثر حسب ما نسب إليهم.
نعم ، الآية بهذا البيان تدلّ على اعتبار الإخلاص في العبادة على ما عليه الاتّفاق ظاهرا في الجملة.
نعم ، لو كان المراد الحصر بالنّسبة إليهما جميعا ، بمعنى : عدم أمرهم بشيء إلّا بالعبادة وعدم أمرهم بإيقاعها على وجه ، إلّا على وجه الإخلاص لم يكن إشكال في دلالتها على المطلبين مع الغضّ عمّا عرفته أوّلا ، لكن إثبات هذا المعنى في غاية الإشكال ، بل الظّاهر من الآية خلافه كما لا يخفى.
وأمّا ثالثا : فلأنّه على فرض تسليم كون « اللّام » للغاية وجعل المراد من العبادة والإخلاص بالمعنى المذكور في تقريب الاستدلال ، نقول : إنّه لا دلالة للآية على المدّعى أيضا ؛ لأنّ المحصّل منها على هذا التّقدير : أنّهم ما أمروا في الشّريعة السّابقة بشيء من الأشياء إلّا لغاية عبادة الله على وجه الإخلاص ، بمعنى : أنّ الغاية في نظر الشّارع في أمرهم بها هو ترتّب عبادة الله على وجه الإخلاص على إتيانهم بها لما فيها من المصالح المقتضية لتكميل نفوسهم الموجبة لذلك.
وهذا المعنى كما ترى ، لا دخل له بوجوب قصد القربة عليهم في كلّ واجب ، بل لا ينافي كون جميع الواجبات في شريعتهم توصّليّا لا يشترط فيها قصد التّقرب أصلا ؛ إذ حاصل المعنى المذكور يرجع إلى أنّ الفائدة في نظر الشارع في أمر الأمم السّابقة بالواجبات هي سببيّة فعلها للقرب إلى الواجب العقلي ، وهي عبادة الله بقصد التّقرب.