آخر ، بل هي موضوعة لذوات المعاني غير الآبية عن قبول نحوين من الوجود في نفسها ، وتلك المعاني تتصف بالسعة وبالضيق لا بنفسها بل باعتبار الانطباق والصدق الخارجي. وبهذا اللحاظ كان تقسيم الموضوع له إلى العام تارة وإلى الخاص تارة اخرى ، أي بلحاظ الانطباق على ما في الخارج لا في نفسه. هذا تمام الكلام في المقام الأوّل.
وأمّا الكلام في المقام الثاني وهو تصور اللفظ : فالواضع حين إرادة الوضع إمّا أن يلاحظ اللفظ بمادته وهيئته كما في أسماء الأجناس وأعلام الأشخاص ، وإمّا أن يلاحظ المادة فقط كما في مواد المشتقات ، وإمّا أن يلاحظ الهيئة كذلك كما في هيئات المشتقات وهيئات الجمل الناقصة والتامّة ، فالوضع في الأوّل والثاني شخصي ، وفي الثالث نوعي.
ثمّ إنّ ملاك شخصية الوضع هو لحاظ الواضع شخص اللفظ بوحدته الطبيعية وشخصيته الذاتية التي امتاز بها في ذاته عما عداه ، وملاك نوعية الوضع هو لحاظ الواضع اللفظ بجامع عنواني كهيئة الفاعل مثلاً ، لا بشخصه وبوحدته الذاتية. وبهذا ظهر ملاك الشخصية والنوعية في الطوائف الثلاث :
أمّا الطائفة الاولى ، فلأنّ الواضع لم يلحظ فيها في مقام الوضع إلاّشخص اللفظ بوحدته الطبيعية وشخصيته الممتازة ، فالموضوع هو ذلك اللفظ الملحوظ كذلك ، سواء كان الموضوع له معنى عاماً أو خاصاً ، وكذا الحال في الطائفة الثانية.
وأمّا الطائفة الثالثة ، فلمّا كانت الهيئة مندمجة في المادة غاية الاندماج ، فلا يعقل لحاظها بنفسها مع قطع النظر عن المادة ، إذ لا وجود لها بدونها في الوجود الذهني فضلاً عن الوجود العيني ، فتجريدها عن المواد لا يمكن حتى في مقام اللحاظ ، فلا محالة يجب الوضع لأشخاصها بجامع عنواني كقولك : كل ما كان