عند تحقق الارادة واستحالة تخلفه عنها ، بداهة استحالة تخلف المعلول عن العلّة التامّة.
وإلى هذا أشار شيخنا المحقق قدسسره بقوله : الارادة ما لم تبلغ حداً يستحيل تخلف المراد عنها لا يمكن وجود الفعل ، لأنّ معناه صدور المعلول بلا علّة تامّة ، وإذا بلغت ذلك الحد امتنع تخلّفه عنها ، وإلاّ لزم تخلف المعلول عن علّته التامّة (١).
وقال صدر المتألهين : إنّ إرادتك ما دامت متساوية النسبة إلى وجود المراد وعدمه لم تكن صالحة لرجحان أحد ذينك الطرفين على الآخر ، وأمّا إذا صارت حدّ الوجوب لزم منه وقوع الفعل (٢). ومراده من التساوي بعض مراتب الارادة كما صرّح بصحّة إطلاق الارادة عليه ، كما أنّ مراده من صيرورتها حدّ الوجوب بلوغها إلى حدّها التام ، فإذا بلغت ذلك الحد تحقق المراد في الخارج ، وقد صرّح بذلك في غير واحد من الموارد.
وكيف كان ، فتتفق كلمات الفلاسفة على ذلك رغم أنّ الوجدان لا يقبله ، هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى : أنّ الارادة بكافة مبادئها من التصور والتصديق بالفائدة والميل وما شاكلها غير اختيارية وتحصل في افق النفس قهراً من دون أن تنقاد لها. نعم ، قد يمكن للانسان أن يُحدث الارادة والشوق في نفسه إلى إيجاد شيء بالتأمل فيما يترتب عليه من الفوائد والمصالح ، ولكن ننقل الكلام إلى ذلك الشوق
__________________
(١) نهاية الدراية ١ : ٢٨٥.
(٢) الأسفار ٦ : ٣١٧.