اتصاف الذات بها متضادة ، ومن هنا يرى العرف التضاد بين عنوان العالم والجاهل ، والأسود والأبيض ، والمتحرك والساكن ... وهكذا ، وهو بنفسه يدل على أنّ المشتق موضوع للمتلبس دون الأعم ، وإلاّ لم يكن بينها مضادة عرفاً بما لها من المعاني ، بل كان مخالفة ، وأمكن صدق عنوانين منها معاً على الذات في زمن واحد فيما إذا كان التلبّس بأحدهما فعلياً وبالأخير منقضياً ، فيجتمعان في الصدق في آنٍ واحد ، فلا مضادة.
وبتعبير آخر : أنّ المشتق لو كان موضوعاً للأعم لم يلزم اجتماع الضدّين عند صدق عنوانين على الذات حقيقة ، بل يصح أن يقال عرفاً : هذا أسود وأبيض ، أو عالم وجاهل في آن واحد ، مع أنّ الأمر ليس كذلك ، ضرورة أنّ هذا من اجتماع الضدّين حقيقة ، كما أنّ قولنا : هذا سواد وبياض ، أو علم وجهل ، كذلك.
نعم ، لو كان الصدق مختلفاً في الزمان ، بأن كان صدق أحدهما في زمان وضدّه الآخر في زمان آخر ، أو لم يكن الإطلاق في كلا الحملين حقيقياً ، بل كان في أحدهما بالحقيقة ، وفي الآخر بالعناية فلا تضاد ، إذ المعتبر في تحقق التضاد أو التناقض في أي مورد كان وحدة الزمان مع اعتبار بقية الوحدات ، ومع الاختلاف فيه أو في غيره من الوحدات ، أو لم يكن الإطلاق في كليهما على نحو الحقيقة ، ينتفي التضاد.
فالنتيجة : أنّ ارتكاز التضاد بين العناوين بما لها من المعاني قرينة عرفية على الوضع للمتلبس.
ثمّ إنّ هذا الذي ذكرناه من الأدلة على الوضع لخصوص المتلبس لا يختص بهيئة دون اخرى ، وبلغة دون ثانية ، بل يجري في الجميع ، ولا أثر لاختلاف المبادئ في ذلك ، كما أنّه لا أثر لاختلاف الطوارئ والحالات ، وهذا واضح.
وعليه فما ذكره القوم من التفصيلات باعتبار اختلاف الطوارئ والحالات