وعلى ذلك فانّه قدسسره إن أراد به
اشتراك تلك المقولات في مفهوم الوجود فهو لا يختص بها ، بل يعم جميع الأشياء ، وإن
أراد به اشتراكها في حقيقة الوجود فالأمر أيضاً كذلك ، وإن أراد أنّ لتلك المقولات
وحدها مرتبة خاصة من الوجود ، ففيه : أنّه غير معقول كما عرفت ، وقد برهن في محلّه
أنّ الاتحاد الحقيقي في الوجود بين أمرين أو امور متحصلة مستحيل ، ولو اعتبر
الوحدة بينهما أو بينها ألف مرة ، وكيف ما كان ، فلا نعقل لذلك معنى متحصّلاً
أصلاً.
وثانياً
: أنّه لو سلّم ذلك
فانّ الصلاة ليست عبارة عن تلك المرتبة الخاصة الوجودية ، ضرورة أنّ المتفاهم منها
عند المتشرعة ليس هذه ، بل نفس المقولات والأجزاء والشرائط ، وهذا واضح.
وثالثاً
: أنّا قد ذكرنا
سابقاً أنّ الألفاظ لم توضع للموجودات الخارجية ، بل وضعت للماهيات القابلة لأن
تحضر في الأذهان ، وعليه فلا يعقل أن يوضع لفظ الصلاة لتلك المرتبة الخاصة من
الوجود ، فانّها غير قابلة لأن تحضر في الذهن.
ولشيخنا المحقق قدسسره بيان ثالث في
تصويرالجامع بين الأفراد الصحيحة ، وإليك نصّه :
والتحقيق أنّ سنخ
المعاني والماهيات ، وسنخ الوجود العيني الذي حيثية ذاته حيثية طرد العدم ، في
مسألة السعة والإطلاق متعاكسان ، فان سعة سنخ الماهيات من جهة الضعف والابهام ،
وسعة سنخ الوجود الحقيقي من فرط الفعلية ، فلذا كلّما كان الضعف والإبهام في
المعنى أكثر كان الإطلاق والشمول أوفر ، وكلّما كان الوجود أشد وأقوى كان الإطلاق
والسعة أعظم وأتم.
فان كانت الماهية
من الماهيات الحقيقية كان ضعفها وإبهامها بلحاظ الطوارئ