الحمل.
وقد أصبحت النتيجة بوضوح أنّ صحّة ذلك الحمل بما هو حمل لا تكون علامة لاثبات الحقيقة ، وكذا عدمها لا يكون علامة لاثبات المجاز ، بل هما علامة الاتحاد والمغايرة لا غير ، فنحتاج في إثبات الحقيقة إلى التمسك بالتبادر من الاطلاق أو نحوه ، هذا.
وأمّا الحمل الشائع فتفصيل الكلام فيه : أنّ ملاك صحّته بجميع أنواعه اتحاد المعنيين ، أي الموضوع والمحمول وجوداً ، ومغايرتهما مفهوماً ، فذلك الوجود الواحد إمّا أن يكون وجوداً لهما بالذات ، أو يكون لأحدهما بالذات وللآخر بالعرض ، أو لكليهما بالعرض ، فهذه أقسام ثلاثة :
أمّا القسم الأوّل : فهو في حمل الطبيعي على أفراده ومصاديقه ، وحمل الجنس على النوع ، وحمل الفصل عليه ، وبالعكس ، فانّ الموضوع والمحمول في تمام هذه الموارد متحدان في الوجود الخارجي ، بمعنى أنّ وجوداً واحداً وجود لهما بالذات والحقيقة ، مثلاً وجود زيد هو وجود الانسان بعينه ، لأنّ وجود الطبيعي بعين وجود فرده ، وليس له وجود آخر غيره ، فالوجود الواحد وجود لهما بالذات ، وإنّما الاختلاف في جهتي النسبة ، وكذلك الحال في قولنا : الانسان حيوان ، أو قولنا : الانسان ناطق إلى غير ذلك ، فانّ المحمول والموضوع في جميع ذلك متحدان فيما يكون وجوداً لهما بالذات.
وأمّا القسم الثاني : فهو في حمل العناوين العرضية على معروضاتها ، كحمل الضاحك أو الكاتب أو العالم أو الأبيض أو الأسود على زيد مثلاً ، فان هذه العناوين جميعها عرضية انتزاعية منتزعة من قيام الأعراض بموضوعاتها ، وليس لها وجود في الخارج ، والموجود فيه نفس الأعراض والمقولات التي هي من مبادئ تلك العناوين ومنشأ انتزاعها ، وعليه فنسبة ما به الاتحاد وهو وجود