والتزامية وهي كونهما ذا ملاك ، لأن الأحكام الشرعية عند العدلية تابعة لما في متعلقاتها من الملاك ، فاذا علمنا بسقوط الدلالة المطابقية عن الحجية بأدلة نفي الضرر والحرج لدلالتهما على نفي الوجوب وعدم الإلزام بهما فتبقى الدلالة الالتزامية بحالها وحجيتها وهي تدل على كَون الفعل ذا ملاك.
وقد بينا في بعض المباحث المتقدمة ان العقل لا يفرق بين الأمر والملاك ويرى المخالفة لكل منهما عصياناً وتمرداً كما أن إطاعتهما لازمة ، وعليه فبالملاك نحكم بصحّة كل من الوضوء والغسل في مفروض الكلام.
وفيه : ما بيناه في مباحث التعادل والترجيح (١) من أن الدلالة الالتزامية كما تتبع الدلالة المطابقية حدوثاً وثبوتاً كذلك تتبعها حجية ولا تنفك عنها في الحجية.
وقد مثلنا لذلك بأمثلة منها ما إذا قامت البينة على ملاقاة شيء من النجاسات للماء أو على كون مال ملكاً لزيد ، فمدلولها المطابقي هو الملاقاة وملكية المال لزيد ومدلولها الالتزامي نجاسة الماء وعدم ملكية المال لعمرو ، فلو سقطت البينة عن الحجية في مدلولها المطابقي للعلم بعدم الملاقاة أو لاعتراف زيد بنفي المال عن ملكه فلا يمكننا الحكم بنجاسة الماء أو عدم كون المال ملكاً لعمرو بدعوى ثبوتهما بالدلالة الالتزامية. إذن ليس لنا في المقام أن نحكم بصحّة الغسل أو الوضوء بالملاك وإن ادعاه جملة من الأعلام.
لكنه مع هذا فالصحيح ما أفاده الماتن قدسسره وذلك بوجه آخر وهو : أن أدلّة نفي الحرج والضرر إنما وردت للامتنان فيختصان بالأحكام الإلزامية وحسب ، لأنه في رفعها امتنان على الأُمة ، ولا يشملان الأحكام الترخيصية من المستحبات ونحوها ، إذ المكلف بطبعه مرخص في تركها فلا يكون في رفعها عن المكلف منة ، فاذا كانت زيارة الحسين ( عليه الصلاة والسلام ) حرجية في وقت ما أو كانت ضررية فلا يشملها دليل لا ضرر أو لا حرج حينئذ.
إذا عرفت ذلك فنقول : إن للطهارات الثلاثة حيثيتين :
__________________
(١) مصباح الأُصول ٣ : ٣٦٧ فما بعد.