بل ليلة الجمعة إذا خاف إعواز الماء يومها.
______________________________________________________
فالاستدلال بتلك الأخبار غير ممكن.
اللهمّ إلاّ على أحد أمرين أحدهما : انجبار ضعف الرواية بعمل المشهور على طبقها. وثانيهما : أن يقال بأن أخبار من بلغ تدل على استحباب العمل الذي بلغ فيه الثواب. ولم يثبت شيء من الأمرين.
أمّا الأوّل : فقد ذكرنا في محله أن عمل المشهور على طبق رواية لا يوجب انجبار ضعفها ، إذ نحتمل وقوفهم على قرينة تدل على صحتها من دون أن تصل إلينا (١).
وأما الثاني : فلما حققناه في محله من أن أخبار من بلغ واردة للإرشاد إلى ما استقل به العقل من أن الانقياد وإتيان العمل برجاء المحبوبية حسن ويترتب عليه الثواب ولا دلالة لها على استحباب العمل شرعاً (٢) ، وعليه لا تثبت مشروعية تقديم الغسل يوم الخميس ، نعم لا بأس بالإتيان به يوم الخميس رجاء عند خوف الإعواز أو إحرازه يوم الجمعة.
الجهة الثانية : على تقدير ثبوت مشروعية التقديم يوم الخميس هل يشرع تقديمه ليلة الجمعة عند خوف الإعواز أو إحرازه يوم الجمعة أو تختص المشروعية بيوم الخميس؟
مقتضى الجمود على ظاهر النصوص هو الاختصاص فكأن اليوم بيوم لا اليوم بليل ، لكن المعروف جواز تقديمه ليلة الجمعة ، بل ادعي عليه الإجماع في كلمات بعضهم. واستدل عليه بوجوه :
الأوّل : الأولوية ، فإن اللّيل أقرب إلى الجمعة من نهار الخميس ، فاذا ثبتت المشروعية يوم الخميس ثبتت ليلة الجمعة بالأولوية.
وفيه : أن العبادات أُمور توقيفية تحتاج مشروعيتها إلى دليل ، والأولوية الظنية مما
__________________
(١) مصباح الأُصول ٢ : ٢٠١.
(٢) مصباح الأُصول ٢ : ٣١٩.