المال ، وهي أرفع المكارم وأعلى المقامات ، وفي الوقت نفسه أشدّ الأعمال على الإنسان الذي جبل على حبّ المال وانشدّ إلى عالمه المادي ، إلاّ أولئك الذين بلغوا درجات من الكمال والإيمان تؤهلهم للزهد بالمال وعدم الاكتراث به.
روي عن أبي جعفر عليهالسلام أنه قال : «أشد الأعمال ثلاثة : ذكر اللّه على كل حال ، وإنصافك الناس من نفسك ، ومواساة الإخوان في المال» (١).
وعلى الصعيد العملي كان من سجايا الإمام الباقر عليهالسلام صلة الإخوان وإدخال السرور عليهم ، والإحسان والبذل والتصدق على ذوي الفاقة ، قال الشيخ المفيد : «كان لا يملّ من صلة إخوانه وقاصديه ومؤمليه وراجيه» (٢).
ولعل القيمة الموضوعية لبِرِّ الإمام عليهالسلام وصدقاته الجارية تكون أكثر وقعاً إذا عرفنا أنه عليهالسلام كان متوسط الحال كثير العيال ، ولم يكن من ذوي الثروة والمال.
عن أبي عبد اللّه عليهالسلام ، قال : «كان أبي عليهالسلام أقلّ أهل بيته مالاً ، وأعظمهم مؤنة ، قال : وكان يتصدق كل جمعة بدينار ، وكان يقول : الصدقة يوم الجمعة تضاعف لفضل الجمعة على غيره من الأيام» (٣).
وعن الصادق : أن أباه عليهماالسلام تصدق على فقراء أهل المدينة بثمانية آلاف دينار (٤).
وحكت سلمى مولاة أبي جعفر عليهالسلام أنه كان يدخل عليه بعض إخوانه ،
__________________
(١) كشف الغمة ٢ : ٣٤٤ ، حلية الأولياء ٣ : ١٨٣.
(٢) الارشاد ٢ : ١٦٧.
(٣) ثواب الأعمال : ١٨٥.
(٤) فلاح السائل / ابن طاوس : ١٧٦.