جسيمة ، على رأسها رفع منار العلم والنهوض بالواقع المعرفي للأمة ، فلا يمكن أن يحجر نفسه في خانة المتصوفة ، كما يدعي بعض المتصوفة (١) ، أو يتخذ من الزهد نظاماً يحكم حياته.
وهناك المزيد من الأخبار تدل على ما ذكرناه ، منها رواية الحكم بن عتيبة ، قال : «دخلت على أبي جعفر عليهالسلام وهو في بيت منجد ، وعليه قميص رطب وملحفة مصبوغة ، قد أثر الصبغ على عاتقه ، فجعلت أنظر إلى البيت وأنظر إلى هيئته ، فقال : يا حكم ، ما تقول في هذا؟ فقلت : وما عسيت أن أقول وأنا أراه عليك؟
وأما عندنا فانما يفعله الشاب المُرِهْقُ ، فقال لي : يا حكم «مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ» (٢) وهذا مما أخرج اللّه لعباده ، فأما هذا البيت الذي ترى فهو بيت المرأة ، وأنا قريب العهد بالعرس ، وبيتي البيت الذي تعرف» (٣).
وعن الحسن الزيات ، قال : «دخلت على أبي جعفر عليهالسلام في بيت منجد ، ثم عدت إليه من الغد وهو في بيت ليس فيه إلاّ حصير ، وعليه قميص غليظ ، فقال : البيت الذي رأيته ليس بيتي ، انما هو بيت المرأة ، وكان أمس يومها» (٤).
وروي أنه عليهالسلام كان يتأنق بملبسه ، قال زرارة : «رأيت على أبي جعفر عليهالسلام
__________________
(١) راجع : الإمامة وأهل البيت / محمد بيومي مهران ٣ : ٦٧.
(٢) سورة الأعراف : ٧ / ٣٢.
(٣) الكافي ٦ : ٤٤٦ / ١.
(٤) الكافي ٦ : ٤٧٧ / ٥ و ٤٤٨ / ١٣.