مثلك (١). ومهما كان غرضه من هذا الكلام ، وسواء انطوى على المواربة السياسية أم التشدّق والرياء ، فانّه يعبّر عن حقيقة الإمام عليهالسلام من ألدّ أعدائه ، ويسوق لنا الدليل على أنّه حظي بإكبار وتقدير طبقات المجتمع كلّها بمن فيهم الأعداء.
وخير الفضل ما شهدت به الأعداءُ
ويشاطر هشام في التعبير عن مناقب الإمام الباقر عليهالسلام الفريدة ، عامل المدينة في زمان عبد الملك بن مروان حين كتب إليه عبد الملك : أن ابعث إليّ محمد بن علي مقيّداً.
فكتب إليه العامل وهو يعدّد أبرز خصاله عليهالسلام : ليس كتابي هذا خلافاً عليك يا أمير المؤمنين ، ولا ردّاً لأمرك ، ولكن رأيت أن أراجعك في الكتاب نصيحة لك ، وشفقة عليك ، إنّ الرجل الذي أردته ليس اليوم على وجه الأرض أعفّ منه ولا أزهد ولا أورع منه ، وانّه من أعلم الناس ، وأرقّ الناس ، وأشدّ الناس اجتهاداً وعبادة ، وكرهت لأمير المؤمنين التعرّض له ، فإنّ اللّه لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم. فسرّ عبد الملك بما أنهى إليه الوالي ، وعلم أنّه قد نصحه (٢).
وإذا خرجنا عن دائرة المعاصرين له عليهالسلام ، نصل إلى حقيقة إجماع كلّ من ترجم للباقر عليهالسلام على تعظيمه وتقديره وإكباره.
قال أبو نعيم الأصفهاني المتوفّى سنة ٤٣٠ هـ في ترجمته عليهالسلام : «هو الحاضر الذاكر ، الخاشع الصابر ، أبو جعفر محمد بن علي الباقر ، كان من سلالة النبوة ،
__________________
(١) دلائل الإمامة : ٢٣٤ ، نوادر المعجزات : ١٣٠.
(٢) الثاقب في المناقب : ٣٨٩ ، الصراط المستقيم ٢ : ١٨٤ ، بحار الأنوار ٤٦ : ٣٢٩.