هزّت أركان الحكم العباسي في هذا العصر عدّة ثورات عنيفة من حين إلى آخر ، قادها رجال أفذاذ من الطالبيين ومن غيرهم يهدفون في الغالب إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة حكم الله في الأرض ، وكانت تلك الثورات كما يبدو من خطابات الثوار من تداعيات ظلم الناس وأخذ أموالهم ووضعها في غير مواضعها ، وهي تمثّل ردّ فعل طبيعي لحالة التردي التي تعاني منها الأُمّة عموماً والطالبيون خصوصاً ، فضلاً عن تردّي الأحوال الاجتماعية والاقتصادية وسياسة القمع والاضطهاد والمطاردة التي مارستها السلطة مع الطالبيين على وجه الخصوص ، وفيما يلي نستعرض أهم الثوار الذين حملوا السلاح بوجه السلطة العباسية في هذه الفترة :
هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهمالسلام ، أحد الثوار الأشراف من الطالبيين ، وهو من أفضل آل الحسن في زمانه ، وكان غزير العلم بكتاب الله حافظاً له ، فقيهاً في الدين ، معروفاً بشجاعته وجوده وبأسه وحزمه. ولد سنة ( ٩٣ ه ) وقتل شهيداً في رمضان سنة ( ١٤٥ ه ) ، وكان يقال له : صريح قريش لأن جميع آبائه واُمهاته وجداته لم يكن فيهنّ أمّ ولد ، ويلقب بالأرقط وبالنفس الزكية ، وسماه أهل بيته بالمهدي ، ويقدّرون خطأ أنه الذي جاءت به الرواية ، وشاع ذلك له في العامة ، وبايعه رجال من بني هاشم من زمان بني أمية فيهم من آل أبي طالب وآل العباس نفر كثير ، وكان من دعاته وممن بايعه أبو العباس السفاح وأبو جعفر المنصور.
لكن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهالسلام ردّ مهدويته ، مصرّحاً
بأنه المقتول بأحجار الزيت ، وطلب منهم ألاّ يبايعوه على أنه المهدي ، وأخبر أباه عبد الله بن الحسن في جمعٍ من بني هاشم أنه لا يملك ، وأن الملك يكون في بني العباس.