عن سواء السبيل. فسكت محمد بن الحسن ، ولم يحُر جواباً » (١).
ذكرنا آنفاً أن الإمام عليهالسلام وقف بوجه هذا التيار المدمر للشريعة مثلما وقف بوجه القياس ، ففي حديثه عليهالسلام ليونس بن عبد الرحمن قال : « يا يونس ، لا تكونن مبتدعاً ، من نظر برأيه هلك ، ومن ترك أهل بيت نبيه ضل ، ومن ترك كتاب الله وقول نبيه كفر » (٢).
والمقصود من النظر بالرأي هو اعتبار الاستحسانات الذاتية أساساً للحكم الشرعي من غير حجة شرعية من كتاب أو سنة ، وهو عين الابتداع في الدين ، ولا يعني ذلك رفض الإمام عليهالسلام لحركة الرأي في الإنسان كوسيلة من وسائل التفكير في معرفة موضوعات الأحكام من الأشياء ، بل انه يريد التأكيد على أن الاستحسان في الحكم الشرعي لا يُعد من الوسائل التي جعلها الشارع أساساً للاستنباط ، ولأن حجيته لم تثبت من كتاب الله وسنة نبيه صلىاللهعليهوآله ، أما ترك حديث أهل البيت عليهمالسلام وما رووه عن جدهم رسول الله صلىاللهعليهوآله فإنه يؤدّي إلى الضلال ، لأنهم يملكون الحقيقة مما قاله النبي صلىاللهعليهوآله في التفسير وتشريع الأحكام ، بكونهم حجة إلى جانب القرآن إلى يوم الدين كما جاء في حديث الثقلين.
ومن الأمثلة العملية على رفض الإمام عليهالسلام لكافة أنواع الابتداع في الدين ، ما حكي أن المنصور تقدّم إليه عليهالسلام بالجلوس للتهنية في يوم النيروز ، وقبض ما يحمل إليه ، فقال عليهالسلام : « إني قد فتشت الأخبار عن جدي رسول الله صلىاللهعليهوآله فلم أجد لهذا العيد خبراً ، وإنه سنّة للفرس ومحاها الإسلام ، ومعاذ الله أن
__________________
(١) الإرشاد ٢ : ٢٣٥ ، اعلام الورى ٢ : ٣٠ ، مناقب آل أبي طالب ٣ : ٤٢٩.
(٢) الكافي ١ : ٥٦.