ومنها حديث محمد بن أبي عمير ، وحديث أبي جعفر محمد بن إبراهيم النيسابوري (١) ، إذ توجّها إلى عبد الله بن جعفر بمسائل عرفا من خلالها أنه ليس بصاحبهما.
وأخيراً استطاع أبو الحسن الكاظم عليهالسلام التوفيق بين حالة الكتمان والإعلان ، عن طريق التصريح بالوصية لخاصته وخلص أصحابه ، وأخذ الحيطة والحذر عليهم ريثما تتوفر الفرصة المناسبة لذلك ، وفي أيام المهدي العباسي اشتهر الإمام عليهالسلام وتوسعت قاعدة مرجعيته ، بعد أن تساقط المدعين للإمامة واهتدى إليه أكثر من لم يقل بإمامته ، ورجعوا إليه في أمور دينهم.
ذكرنا أن الظروف القاهرة جعلت الإمام الصادق عليهالسلام يوصى إلى أكثر من واحد ، وجعلت الإمام بعده يضطر إلى اُسلوب الكتمان ، حتى أن الرواة من خلص أصحابه كانوا إذا أسندوا الحديث إليه لا يصرحون باسمه تقية عليه ، من هنا استغل بعض الطامعين تلك الظروف ، فتقمصوا المنصب الإلهي الخطير ، وارتدوا غير ردائهم ، وأعلنوا إمامتهم ، كما أن الشيعة ممن لم يصلهم النص الذي اقتصر على الخواص مع أمر الكتمان اختلفوا بعد وفاة أبي عبد الله عليهالسلام على أقوال سرعان ما انتهت جميعاً إلى القول بإمامة موسى عليهالسلام.
فقائل يقول : إن الصادق عليهالسلام لم يمت ولا يموت حتى يظهر فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً لأنه القائم المهدي ، وهم الناووسية (٢) ،
__________________
(١) الثاقب في المناقب / محمّد الطوسي : ٤٤٢ ، الخرائج والجرائح ١ : ٣٢٨.
(٢) وهم فرقة من الغُلاة ، منسوبون إلى عبد الله بن ناووس المصري ـ أو البصري ـ ، وقيل عجلان بن ناووس ، نسبة إلى ناووسا. المقالات والفرق / الأشعري : ٢١٢.