جواسيس ينظرون إلى من اتفقت شيعة جعفر عليه فيضربون عنقه ، فخفت أن يكون منهم » (١).
من هنا فإن هذه الوصية أسهمت في الحفاظ على حياة الإمام عليهالسلام واخفات الأضواء عليه في أيام المنصور العباسي على الأقل ، لأنه كان عازماً على قتل وصي الصادق عليهالسلام ، وقد حققت تلك الوصية مراد الإمام الصادق عليهالسلام ، بما لا يتحقق بقراع الأسنّة.
عرفنا أن الوصية لأكثر من واحد ، ما هي إلاّ تدبير من قبل الإمام الصادق عليهالسلام للحفاظ على حياة وصيه ، وعلى الرغم من صراحة ذكر الأسماء فيها إلاّ أنه كان بعض الأصحاب يدرك المغزى الحقيقي وراءها ، لأن الإمام لا يوصى إلاّ إلى واحد ، كما هو معهود ، فلما أوصى إلى أكثر من واحد ، تأملوا معنىً رمزياً وبعداً موحياً من خلال النص.
فقد روى داود بن كثير الرقي قال : « أتى أعرابي إلى أبي حمزة ، وكان جالساً في لمّة من أصحابه ، فسأله خبراً ، فقال : توفي جعفر الصادق عليهالسلام ، فشهق شهقة وأغمي ، فلما أفاق قال : هل أوصى إلى أحد ؟ قال : نعم ، أوصى إلى ابنه عبد الله وموسى وأبي جعفر المنصور ، فضحك أبو حمزة وقال : الحمد لله الذي هدانا ولم يضلنا ، بيّن لنا عن الكبير ، ودلّنا على الصغير ، وأخفى عن أمر عظيم ، فسئل عن قوله فقال : بيّن عيوب الكبير ، ودلّ على الصغير بأن أدخل يده مع الكبير ، وستر الأمر الخطير بالمنصور ، لأنه لو سأل المنصور عن الوصي لقيل : أنت » (٢).
__________________
(١) الكافي ١ : ٣٥١.
(٢) مناقب آل أبي طالب ٣ : ٤٣٣.