وازاء هذا الظلم المستمر واصل الطالبيون قيادة حركة المعارضة المسلحة ضد طغيان المنصور.
تعامل المنصور بقسوة مع شيعة أهل البيت ومحبيهم ، فقد أجبر أهل الكوفة على لبس السواد ، روى عمر بن شبة عن علي بن الجعد ، قال : « رأيت أهل الكوفة أيام أخذوا بلبس السواد حتى ان البقالين إن كان أحدهم ليصبغ الثوب بالأنقاس (١) ثم يلبسه » (٢).
وكان ولاته يقتلون الناس خلسة على التهمة بالدعوة للثوار العلويين ، قال العباس بن سَلم مولى قحطبة : « كان أبو جعفر اذا اتهم أحداً من أهل الكوفة بالميل إلى إبراهيم أمر أبي ( سَلماً ) بطلبه ، فكان يمهل حتى اذا غسق الليل وهدأ الناس نصب سُلّماً على منزل الرجل فطرقه في بيته فيقتله ويأخذ خاتمه. فكان جميل مولى محمد بن أبي العباس يقول للعباس بن سَلم : لو لم يورثك أبوك إلاّ خواتيم من قُتل من أهل الكوفة لكنت أيسر الأبناء » (٣).
ولم يسلم من إلصاق هذه التهمة حتى قادة الدولة ، ومنهم خالد بن كثير أبو المغيرة مولى تميم ، أحد القواد الولاة في أيام المنصور ، ولي قوهستان بفارس مدة إلى أن استعمل على خراسان عبد الجبار بن عبد الرحمن ، فاتهم جماعة بالدعوة للطالبيين فقتلهم سنة ( ١٤٠ ه ) ، وكان منهم خالد (٤).
__________________
(١) أي المداد.
(٢) مقاتل الطالبيين : ٢١٣. وفي الطبري : حدثني أبو الحسن الحذاء ، قال : أخذ أبو جعفر الناس بالسواد فكنت أراهم يصبغون ثيابهم بالمداد.
(٣) مقاتل الطالبيين : ٢١٣.
(٤) الأعلام / الزركلي ٢ : ٢٩٨.