عطشاً حتى يقتله.
يا هشام ، من أحب الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه ، وما أوتي عبد علماً فازداد للدنيا حباً إلاّ ازداد من الله بعداً ، وازداد الله عليه غضباً ».
وذكر في آخر الوصية خلق العقل ، ووزيره وهو الخير ، وجنوده وهي مكارم الأخلاق وعددها خمسة وسبعين ، وذكر الجهل ووزيره وهو الشر ، وجنوده وهي المساوئ التي تضادّ وتقابل المكارم ، وعددها خمسة وسبعين أيضاً ، مثل : الإيمان والكفر ، التصديق والتكذيب ، الإخلاص والنفاق ، العدل والجور ، الرضا والسخط ، الشكر والكفران ، اليأس والطمع ، الرأفة والغلظة.
ثم قال بعدها : « يا هشام ، لا تُجمع هذه الخصال إلاّ لنبي أو وصي أو مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان ، وأما سائر ذلك من المؤمنين فإن أحدهم لا يخلو من أن يكون فيه بعض هذه الجنود من أجناد العقل حتى يستكمل العقل ويتخلص من جنود الجهل ، فعند ذلك يكون في الدرجة العليا مع الأنبياء والأوصياء عليهمالسلام ، وفّقنا الله وإياكم لطاعته » (١).
عن سعد بن أبي خلف ، قال موسى بن جعفر عليهماالسلام لبعض شيعته : « أي فلان ، اتقِ الله ، وقل الحق وإن كان فيه هلاكك ، فإن فيه نجاتك. أي فلان ، اتق الله ودع الباطل وإن كان فيه نجاتك ، فإن فيه هلاكك » (٢).
وقال لبعض ولده : « يا بني ، إياك أن يراك الله في معصية نهاك عنها ، وإياك أن يفقدك الله عند طاعة أمرك بها ، ولا تخرجنّك نفسك عن التقصير في عبادة الله وطاعته ، فإن الله لا يعبد حق عبادته ، وإياك والمزاح فإنه
__________________
(١) الكافي ١ : ١٠ ـ ١٥ / ١٢ ، تحف العقول : ٣٨٣ ـ ٤٠٢.
(٢) تحف العقول : ٤٠٨.