المقدَّمة
إن ثورة الحسين عليهالسلام ليست مجرّد حادثة تاريخية وقعت في
تاريخ المسلمين ثم انتهت ، وحينئذ فلا نحتاج إلاّ أن نقيّم نهضة الإمام الحسين عليهالسلام للإطاحة بعرش الطاغوت من ناحية
مسؤوليته ونقف عند ذلك ، وإنّما نعتقد أن ثورة الحسين عليهالسلام وحركته قضية تتجدد على مرّ العصور
والأيام ، ولا زالت هذه القضية ـ إلى يومنا هذا ـ تمدنا بالعطاء والقوة والعزيمة
والقدرة. وشأن قضية الحسين عليهالسلام
شأن القرآن الكريم الذي لا يختص مضمونه بعصر نزوله ، وإنما يتجدد في كل عصر ويعالج
قضايا كل عصر ، فهو حي متجدد كالشمس والقمر ، كما ورد في روايات أهل البيت عليهمالسلام. والحسين عليهالسلام
هو قرآن ناطق لذا فإنّ قضيته وحركته لابدّ من أن نفهمها في كل عصر.
ونهضة الحسين عليهالسلام سجلت فخرا للمسلمين ، وقد عنى بها
العلماء والكُتاب من مختلف الطوائف ، واحتلت مكان الصدارة في الأحداث التي غيرت
مجرى التاريخ ، وستبقى بمُثلها وقيمها ومواقفها مدرسة للاجيال تضيء لها الطريق ، وتوفر
لها العطاء ، وهي ندية تتفجر بينابيع الخير والاصلاح حتى يرث اللّه الأرض ومن
عليها.
علما بان هذه النهضة قد تغلغلت في أعماق
الوجدان الشعبي للأمة بوجه عام وللمسلمين الشيعة بوجه خاص ، بحيث غدت جزءا من الجو
الثقافي العام للإنسان الشيعي ، وأسهمت ، ولاتزال تُسهم حتى الآن ، بدور