كلمة المركز
لا ينفصل الحديث عن نهضة الإمام الحسين عليهالسلام عن المنعطفات الخطيرة التي شهدها تاريخ
الإسلام السياسي بعد وفاة الرسول صلىاللهعليهوآله
، إذ ليس من المعقول أن تحتضر المبادئ والقيم الإسلامية في زمان الإمام الحسين عليهالسلام دون أن تكون هناك علاقة وثيقة بين حجم
تلك المؤامرة على الإسلام وبين تلك المنعطفات السياسية التي ألمّت به من قبل ، ولو
كانت الفترة ما بين الرسول وسبطه صلىاللهعليهوآله
مكرّسة لتعميق الخطّ المحمّدي في نفوس الأمّة لما حصل هذا الإنقلاب دون أن تنبس
الأمّة ببنت شفة ، على أنّ هناك نقاط التقاء كثيرة بين أسباب نهضة الإمام الحسين عليهالسلام والمنعطفات السياسية التي شهدها تاريخ
الإسلام السياسي في حياة الرسول صلىاللهعليهوآله
وبعد رحيله أيضا.
فالسقيفة ـ مثلاً ـ لم تبعد أصحاب
القرار الأموي الحاسم في التعايش نفاقا مع الإسلام بعد فتح مكّة عن السلطة ، بل
عملت على الضدّ من ذلك إذ أتاحت لهم الفرصة السانحة إلى ما يبتغون يوم تجاوزت
النصّ ، ولم تضع في حساباتها أيّا من العلم ، أو الاستقامة ، أو العدل ، أو
السابقة ، أو القرابة ، أو الشورى كشروط للخلافة ، واكتفت بشرط واحد فقط وجعلته
فوق كلّ اعتبار وهو أن لا تجتمع النبوّة والخلافة في بيت واحد! وبهذا مهّدت الطريق
لكلّ من دبّ وهب للوصول إلى الخلافة ، واستامها كلّ مفلس بما ذلك الطلقاء.
والعجيب في الأمر أنّ السقيفة لم تقف
عند هذا الحدّ بل استمالت الطلقاء منذ اليوم الأوّل لانعقادها ، فرشت أبا سفيان
وقلّدت أولاده مناصبَ خطيرةً في دولة الإسلام ، ولم تكتف بهذا حتى قلّدت الأمر ـ
بحيلة مكشوفة ـ إلى الأموي عثمان!! وهكذا كانت تلك الفترة مليئة بالأحداث التي
كانت تجري على نسق واحد وترتيب واحد إلى أن انتهت بنتائجها الحتمية بوصول الوغد
معاوية بن أبي سفيان إلى الخلافة!!
وبدلاً من أن ينصهر معاوية وأسرته في
الدين الجديد الذي حكم الأمّة باسمه ، وينسى ما كان يقوله لأبيه :
يا صخر لا تسلمن يوما فتفضحنا
|
|
بعد الذين ببدر أصبحوا مزقا
|
خالي وعمي وعمّ الأمّ ثالثهم
|
|
وحنضل الخير قد أهدى لنا الأرقا
|
لا تركننّ إلى أمر يكلّفنا
|
|
والراقصات في مكّة الخرقا
|
فالموت أهون من قول العداة : لقد
|
|
حاد ابن حرب عن العزّى إذا فَرَقا
|
فبدلاً من أن ينسى ذلك ظلّ وصف الطلقاء
يلاحق مخيلته ، وقرار الاستسلام ماثلاً أمام عينيه ، متجسّدا في سلوكه وتصرّفاته ،
وضلّ يواري ما تحمله الشجرة الملعونة في جوانحها من أحقاد على محمّد صلىاللهعليهوآله باعتباره المسؤول الأوّل عن هزائم أبي
سفيان كلّها ، وعلى علي عليهالسلام
باعتباره فتى الإسلام الأوّل الذي أذاق تلك الأسرة المنافقة ما تقدّم في