وهذا صحابي آخر هو عمرو بن قرظة
الأنصاري قد بالغ في نصرة الحسين عليهالسلام
وكان لا يأتي إلى قائده سهم إلاّ اتقاه بيده ، ولا سيف إلاّ تلقّاه بمهجته ، فلم
يصل إلى الحسين عليهالسلام
سوء حتى اُثخن بالجراح فالتفت إلى الحسين عليهالسلام
وقال : يا ابن رسول اللّه أوفيت؟ فقال عليهالسلام
: « نعم أنت
أمامي في الجنة ، فاقرأ رسول اللّه عني السلام ، وأعلمه أني في الأثر
» .
بهؤلاء الأبطال تمكن الحسين عليهالسلام من إفشال خطة الاغتيال التي كانت
تستهدف تصفيته وهو منكب على الصلاة.
الصلاة
الخاصة
لم تقتصر صلاة الحسين عليهالسلام على الصلاة المعروفة بزمن محدد وشرائط
مقرّرة ، والمشتملة على الركوع والسجود وما إلى ذلك ، بل كانت له صلاة خاصة ـ إن
صحَّ التعبير ـ تستغرق جلّ وقته ، ويسهم فيها كل كيانه ، وهي مناجاته الدائمة
والمستمرة لربّه ، التي لم تنقطع في الرّخاء والشدة. فقبل خروج آخر أنفاسه الزّكية
من بدنه الطاهر ، جمع التراب ووضع جبهته عليه ، واستغرق في مناجاة ربّه ، ولم
يشغله ألم الجراح ولا نزع الروح عن الكلام مع معبوده الذي يخاطبه ولا يغفل لحظة
واحدة عن التطلّع إليه ، يناجيه وهو قرير العين ، مطمئن النفس بكلمات تفيض
بالمعاني السامية : « اللّهم
أنت ثقتي في كلّ كربٍ ، ورجائي في كلّ شدّة ، وأنت لي في كلّ أمر نزل بي ثقةٌ
وعدّة ، كم من همٍّ يضعُفُ فيه الفؤاد ، وتقلُّ فيه الحيلةُ ،
__________________