التحرك ـ مع ذلك ـ بمشيئة وارادة إلهية.
وكشف عن هذه الرغبة الإلهية في عدة مواقف ، منها : « جاء عبداللّه ابن عباس رضى الله عنه وعبداللّه بن الزبير فأشارا إليه بالإمساك. فقال لهما إنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآله قد أمرني بأمر وأنا ماضٍ فيه. قال : فخرج ابن عباس وهو يقول : واحسيناه » (١).
فهنا تتطابق الحقائق الواقعية مع الأوامر النبوية الصادرة عن عالم الغيب ، فالحسين عليهالسلام يدرك بصورة لايشوبها الشك أنه بين خيارين أحلاهما مرّ : إما البيعة قسرا ، أو القتل حتما. وليس أمامه إلا المسير حسب أوامر الغيب ، المتمثلة بأمر الرسول صلىاللهعليهوآله له بالتحرك. وإذا كان الحسين عليهالسلام هنا يفسر المسير بالأهل والنساء والأطفال إلى كونهم ودائع رسول اللّه صلىاللهعليهوآله عنده وخوفه عليهم من أزلام يزيد ، لا سيما وهو يعلم بأنهم لا يتورّعون عن فعل شيء ، فليس من المستبعد أن يستخدمهم هؤلاء كرهائن لثني الحسين عليهالسلام عن المسير إلى العراق. وهناك دلالة عميقة استنبطتها العقول الكبيرة لتثبت من خلالها أن الحسين عليهالسلام ضحى بعياله من أجل الدين ، يقول « جارلس ديكنز » ، الكاتب الانكليزي المعروف : « إن كان الإمام الحسين قد حارب من أجل أهداف دنيوية ، فانني لا أدرك لماذا اصطحب معه النساء والصبية والأطفال؟ إذن العقل يحكم انه ضحى فقط لأجل الإسلام » (٢).
__________________
(١) اللهوف : ٢١ ـ ٢٢.
(٢) موسوعة عاشوراء / جواد محدثي : ٢٩٠.