بأن المراد حصر الولاية في جنابه في بعض الأوقات يعني زمن إمامته لا وقت إمامة السّبطين من بعدهما ، قلنا فمذهبنا أيضا هذا أن الولاية العامة كانت محصورة فيه في وقت إمامته لا قبله وهو زمن الخلفاء ، فإن قالوا إن الأمير لو لم يكن في زمن الخلفاء الثلاثة صاحب ولاية عامة يلزمه نقص بخلاف وقت إمامة السّبطين فإنه لمّا لم يكن حيّا لم يصر إمامة غيره موجبة لنقص في حقّه ، لأن الموت رافع لجميع الأحكام الدنيوية قلنا هذا استدلال آخر غير ما هو بالآية لأن مبناه على مقدمتين :
الأولى : كون صاحب الولاية العامة في ولاية الآخر ولو في وقت من الأوقات نقص له.
الثانية : إن صاحب الولاية العامة لا يلحقه نقص بأي وجه وأي وقت كان.
وهاتان المقدمتان أنى تفهمان من الآية وتسمى هذه الصنعة في عرف المناظرة فرارا بأن ينتقل من دليل إلى آخر سلّمنا ، ولكن نقول إن هذا الاستدلال منقوض بالسّبطين فإنهما في زمن ولاية الأمير لم يكونا معتقلين بالولاية بل كانا في ولاية الآخر ، وأيضا منقوض بالأمير فإنه في عهد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان كذلك فلا نقص لصاحب الولاية العامة بكونه في بعض الأوقات في ولاية الآخر.
الجواب الثاني : إن ولاية الّذين آمنوا غير مرادة زمن الخطاب البتة بالإجماع ، لأن زمن الخطاب عهد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والإمامة نيابة للنبوّة بعد الموت ، فلما لم يكن زمن الخطاب مرادا لا بد وأن يكون ما أريد به زمانا متأخرا عن موت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا حدّ للتأخير سواء كان بعد أربع سنين أو بعد عشر سنين أو أكثر ، فقام هذا الدليل في غير محلّه.
إلى أن قال : ثم نمنع أولا : إجماع المفسرين على نزولها فيمن قالوا ، بل اختلف علماء التفسير في سبب نزول هذه الآية ، لأنه روى الجم الغفير نزولها في أبي بكر ، وأما رواية نزولها في عليّ فهي للثعلبي ولا يعد المحدثون من أهل السنّة روايات الثعلبي قدر شعيرة.