ونقول ثانيا : إن لفظ الولي مشترك فيه المعاني الكثيرة منها المحبّ ، والناصر ، والصديق ، والمتصرف في الأمر ، ولا يمكن أن يراد من المشترك معنى معين إلاّ بقرينة خارجية ، والقرينة هاهنا في السياق تعيّن ما سبق ، وهذه الآية مؤيدة لمعنى الناصر ، وهو قوله تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ ) [ المائدة : ٥٧ ].
وثالثا : إن العبرة بعموم اللّفظ لا خصوص السبب كما هي قاعدة أصولية ، وكلمة ( الذين ) من ألفاظ العموم أن مساوية لها باتفاق الإمامية ، فحمل الجمع على الواحد متعذر ، وحمل العام على الخاص خلاف الأصل ، فإن قالت الشيعة إن الضرورة متحققة هاهنا إذ التصدق على السّائل في حالة الركوع لم يقع من أحد غيره ، قلنا : أين ذكرت في هذه الآية هذه القصة بحيث يكون مانعا من حمل الموصول وصلاته على العموم ، وأيّا ما فإن معنى الركوع الخشوع لا الركوع الاصطلاحي ، ولو تنزّلنا وقلنا إن هذه الآية وإن كانت دليلا لحصر الإمامة في الأمير ، ولكن يعارضها الآيات الأخر في ذلك فيجب الاعتداد بها كما يجب على الشيعة أيضا التمسك بتلك الآيات المعارضات في إثبات إمامة الأئمة الأطهار الآخرين ، والدليل إنما يتمسك به إذا سلم عن المعارض ، وتلك الآيات المعارضات هي الآيات الناصّة على خلافة الخلفاء المحررة فيما سبق » انتهى.
ولقد فات على كلّ من الآلوسي وأخيه الهندي أن يتمثل بقول الشاعر العربي :
بحبّ عليّ تزول الشّكوك |
|
وتجلى النّفوس وتحلو الثّمار |
فمهما رأيت عدوّا له |
|
ففي أصله نسب مستعار |
فلا تعذلوه على بغضه |
|
فحيطان دار أبيه قصّار |