قال الآلوسي ص : (٩٤) : ( اعلم أن الشيعة استدلوا على إثبات إمامة الأمير بلا فصل بدلائل ، إلى أن قال : الثالث الدلائل الدالة على إمامته بلا فصل مع سلب استحقاق الإمامة من غيره من الخلفاء ، وهذه في الحقيقة مختصة بمذهب الشيعة وهم منفردون باستخراجها ، ونحن نورد القسم الأخير بالاستيعاب والاستيفاء ، ولا يخفى أن مقدمات تلك الدلائل ومباديها لا بد وأن تكون مسلّمة الثبوت عند أهل السنّة ، إذ الغرض من إقامتها إلزامهم ، فعلى هذا إما أن تكون تلك الدلائل آيات الكتاب والأحاديث المتفق عليها ، أو الدلائل العقلية المأخوذة من المقدمات المسلّمة عند الفريقين ، أما الآيات فمنها قوله تعالى : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) [ المائدة : ٥٥ ] تقرير الاستدلال بهذه الآية ما يقولون : إن أهل التفسير أجمعوا على نزولها في حقّ الأمير إذ أعطى السائل خاتمه في حالة الركوع ، وكلمة ( إنّما ) مفيدة للحصر ولفظ ( الولي ) بمعنى المتصرّف في الأمور ، وظاهر أن المراد هاهنا التصرف العام في جميع المسلمين المساوي للإمام بقرينة ضم ولاية الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم فتثبت إمامته وانتفت إمامة غيره للحصر المستفاد وهو المدّعى.
أجاب عنه أهل السنة بوجوه ،
الأول : النقض بأن هذا الدليل كما يدل على نفي إمامة الأئمة المتقدمة كما قرر يدل على سلب الإمامة عن الأئمة المتأخرة ، وبذلك التقرير فيلزم أن السبطين ومن بعدهما من الأئمة الأطهار لم يكونوا أئمة ، فلو كان مذهب الشيعة هذا يصح تمسكهم بهذا الدليل لأن الاستدلال في مقابل أهل السنّة مبني على كلمة الحصر والحصر كما يضر أهل السنّة يكون مضرا للشيعة ومذهب أهل السنّة وإن بطل بذاك لكن مذهب أهل الشيعة ازداد في البطلان ، وأكثر منه فإن لأهل السنّة نقصان الأئمة الثلاثة وللشيعة نقصان أحد عشر ولا يمكن أن يقال إن الحصر إضافي إلى من تقدم لأنّا نقول إن حصر الولاية فيمن استجمع هذه الصفات لا يفيد إلاّ إذا كان حقيقيا ، بل لا يصح لعدم استجماعها فيمن تأخر عنه ، وإن أجابوا عن هذا النقض