قال الآلوسي ص : (٢٩) : « ومن مكايدهم أنهم يذكرون في كتب التأريخ حكايات موضوعة ، ومن تلك حكاية السّعدية مرضعة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنها قدمت على الحجاج الثقفي في العراق ، وجرى بينها وبينه حديث فيه تفضيلها لعليّ على الأنبياء عليهمالسلام وقالت في بعض ما خاطبت به الحجاج : وأي فضل لأبي بكر وعمر (رض) حتى أفضّل عليّا عليهالسلام عليهما ، وإنما أفضله على آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهمالسلام فاشتدّ حينذاك غضب الثقفي ، فطلب منها أن تثبت ما ادّعت وإلاّ قطّعها إربا إربا ، ثم إنه سرد احتجاجها ، وقال : انتهت الحكاية المكذوبة والقصة الأعجوبة التي لا يخفى ما فيها من البطلان على الصبيان ».
وسنشير إلى ذلك عند تفنيدنا لمزاعم هذا الآلوسي الّذي حاول بها إبطال احتجاجها على الثقفي ، إلى أن قال الآلوسي ( ص : ٣٥ ) : « كما لا يخفى على من تصفح كتب التأريخ والسير فإنها لم تدرك زمن الخلفاء (رض) بل اختلف في أنها أدركت زمن البعثة وآمنت بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ثم إنّا إذا راجعنا إلى ما نسبوه إلى حليمة من الشبهات وهاتيك الدلائل الواهيات وجدناها كسراب ، وذلك من وجوه ، أما أولا : فلأن تفضيل الأمير عليهالسلام على الأنبياء عليهمالسلام لا سيّما على أولي العزم خلاف ما عليه العقلاء من سائر أهل الأنام ، فضلا عن ملّة الإسلام ، فإن الوليّ لا يصل إلى مرتبة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في كلّ شريعة من الشرائع ، ونصوص الكتاب على تفضيل الأنبياء عليهمالسلام على جميع خلق الله.
وأما ثانيا : فلأن تلك الإحتجاجات مبنية على ملاحظة مناقب الأمير عليهالسلام مع زلاّت الأنبياء عليهمالسلام ولو لوحظت مع كمالاتهم ومناقبهم لخفيت على الناظر ، ومع ذلك يلزم عليهم أن الأمير عليهالسلام وأبا ذر ، وعمار بن ياسر ، وسلمان وغيرهم من الصحابة أفضل من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا نظرنا إلى ما ورد في حقهم من الآيات المشعرة بمدحهم مع ما ورد من معاباته عليهالسلام ( وعلى آله ) في عدة مواضع ولا يقول ذلك عاقل.