حضير زعيم الأوس خوفا من سعد بن عبادة زعيم الخزرج من أن يستلم الخلافة فيأتي عليه وعلى عشيرته لما بينهما من ضغائن الجاهلية ، ثم بايعه أبو عبيدة بن الجراح ، وسالم مولى أبي حذيفة ، وبشير بن سعد بن عبادة فهؤلاء الأربعة هم الّذين بايعوه بعد عمر (رض) على ما سجّله أهل السير والتواريخ من أهل السنّة ممن جاء على ذكر السّقيفة كعلي بن برهان الدين الحلبي الشافعي في كتابه السيرة الحلبية ص : (٣٥٨) من جزئه الثالث ، ومحمد حسين هيكل ص : (٦٤) من كتابه في أبي بكر (رض) والبخاري في صحيحه ص (١٩١) من جزئه الثاني في باب فضل أبي بكر ، فلو كان هناك شيء مما زعمه الآلوسي لاستدلّ به على من نازعه فيها ، وهو في ذلك اليوم أحوج ما يكون إلى شبه حديث واحتمال آية نزلت فيه ليدفع به منازعيه في السّقيفة ، بل لو كان هناك رائحة حديث في أمره لقال أولياؤه في السّقيفة كعمر وغيره ممن اتفقوا سابقا على بيعته لما ذا كلّ هذا النزاع وأنتم تعلمون أن أبا بكر (رض) هو الخليفة لنزول ما زعمه الآلوسي فيه من الآيات وورود ما اختلقه فيه من الروايات؟
ومن حيث لم يقل واحد منهم شيئا من ذلك مع طول النزاع علمنا بطلان ما وضعه الآلوسي فيه تعصبا له ، ولا جائز أن يخفى أمر تلك الآيات وهاتيك الروايات على ( الخليفة ) أبي بكر (رض) أو ينساها مع قربه من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا يخفى أمرها على أوليائه البعيدين عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم وإذا جاز أن يخفى عليه أو ينساها فلا جائز أن يخفى أمرها على أهل السّقيفة أو ينسوها مع كثرتهم فيحتدم النزاع بينهم إلى حدّ وقوع الفتنة وهم العدول عند الخصوم ، ولا يخفى ذلك على الآلوسي البعيد عنهم هذه السنين ، وإذا جاز أن يخفى أمرها عليه أو عليهم مع قربهم من الصدر الأول ولا يخفى أمرها على أوليائه كان أولياؤه أعلم منه ومنهم بالسنّة وهذا ما أجمعوا على بطلانه ، فإذا بطل هذا ثبت أن ما زعمه الآلوسي من نزول آيات وورود روايات في صدقه وفضله وأن له من الكمال ما أهّله للخلافة ، كلّه كذب وانتحال لا أصل له حتّى عند إمامة أبي بكر (رض) وغيره من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فضلا عن الشيعة التي لا تعترف له بشيء من ذلك إطلاقا ، فاحتجاج الآلوسي به عليهم باطل على باطل.