منها ، ولا تركنوا
إلى ما في هذه الدنيا ركون من أعدها دارا وقرارا ، وبالله إن لكم مما فيها دليلا
من زينتها وتصريف أيامها ، وتغييرا نقلا بها ، ومثلا منها ».
يحذر (ع) من
الخضوع للطواغيت والظالمين وأتباعهم من المفتونين بحب الدنيا ، والمغرورين بزينتها
وبهجتها ، هؤلاء جميعا كانوا من المخربين الذين وقفوا عائقا على مناهضة الإصلاح
الاجتماعي ، ونشر الظلم والفساد في الأرض.
ويتابع عليهالسلام :
« تلاعبها بأهلها
، إنها لترفع الخميل ، وتضع الشريف ، وتورد النار أقواما غدا ، ففي هذا معتبر
ومختبر وزاجر لمنتبه » يذم الدنيا ويندد بطبيعتها لأنها ترفع الخاملين ، وتضع
الأحرار والشرفاء ، ثم تدفع أقواما إلى النار ، لانحرافهم عن الحق. وإذا كانت
طبيعة الدنيا مناصرة الرذائل ومعاكسة القوى الخيرة فالأجدر الزهد فيها ، والتجافي
عن شهواتها والسعي للظفر بنعيم الآخرة.
ثم يتابع الموعظة (ع)
: « وإن الأمور الواردة عليكم في كل يوم وليلة من مظلمات الفتن ، وحوادث البدع ،
وسنن الجور ، وبوائق الزمان ، وهيبة السلطان ، ووسوسة الشيطان لتثبط القلوب عن نيتها ، وتذهلها عن
موجود الهدى ، ومعرفة أهل الحق إلا قليلا ممن عصم الله ، ونهج سبيل الرشد ، وسلك
طريق القصد ، ثم استعان على ذلك بالزهد ، فكرر الفكر ، واتعظ بالعبر ، وازدجر ،
فزهد في عاجل بهجة الدنيا ، وتجافى عن لذاتها ، ورغب في دائم نعيم الآخرة ، وسعى
لها سعيها ، وراقب الموت ، وشنأ الحياة مع القوم الظالمين ، فعند ذلك نظر إلى ما في
الدنيا بعين نيرة ، حديدة النظر ، وأبصر حوادث الفتن ، وضلال البدع ، وجور الملوك
__________________