كما شاهد بأم عينه سبي عماته وأخواته من كربلاء إلى الكوفة ومنها إلى الشام ، ورأى رؤوس الأهل والأصحاب الشهداء على الرماح يتقدمها رأس أبيه المظلوم الذي استشهد من أجل إحقاق الحق.
أثناء المجزرة :
كان علي بن الحسين أكبر ولد أبيه ، معه (ع) بطف كربلاء وقد أنهكه المرض ، روى عنه أبو مخنف أنه قال (١) : « إني لجالس في تلك العشية التي قتل أبي في صبيحتها وعندي عمتي زينب تمرضني ، اعتزل أبي في خباء له وعنده ( جون ) مولى أبي ذر الغفاري يعالج له سيفه ويصلحه وسمعته يقول :
يا دهر أف لك من
خليل |
|
كم لك بالإشراق
والأصيل |
من صاحب وطالب
قتيل |
|
والدهر لا يقنع
بالبديل |
وكل حي سالك
سبيل |
|
ما أقرب الوعد
من الرحيل |
لما سمعت هذه الكلمات المؤثرة في نفسي خنقتني العبرة ، ولزمت السكوت وأيقنت أن البلاء واقع لا محالة. أما عمتي زينب (ع) فإنها لما سمعت ما سمعت لم تملك نفسها أن وثبت تجر ذيلها حتى انتهت إليه ونادت بأعلى صوتها : وا ثكلاه ليت الموت أعدمني الحياة اليوم ، ماتت أمي فاطمة وأبي علي وأخي الحسن يا خليفة الماضين وثمال الباقين. فنظر إليها أبي وقال : يا أخية لا يذهبن بحلمك الشيطان وأوصاها بالصبر وحفظ العيال.
وفي اللحظات الأخيرة من حياة أبيه دخل عليه وأوصاه قبيل وفاته بوصاياه وسلمه مواريث النبوة وكانت آخر وصية أوصاه بها : « يا بني أوصيك بما أوصى به جدك رسول الله عليا حين وفاته وبما أوصى به جدك
__________________
(١) راجع طبقات ابن سعد.