علينا بنعم لا تحصى.
٤٨ ـ حق من أساء القضاء :
« وأما حق من أساء القضاء على يديه بفعل أو قول فإن كان تعمدها كان العفو أولى بك ، لما فيه من القمع وحسن الأدب مع كثير أمثاله من الخلق فإن الله يقول : ( وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ ... ) إلى قوله ( لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) (١). وقال تعالى أيضا : ( وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ ، وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ) (٢).
وهنا يتعرض الإمام (ع) للقضاة فيقول : إذا جاروا على أحد بقول أو فعل ، وكان ذلك عن عمد ، فالأولى الصفح والعفو عنهم عملا بالآداب الإسلامية العالية التي حثت على العفو عن المسيء أما إذا صدرت الإساءة منهم عن خطأ فلا ينبغي مؤاخذتهم لأنهم لم يتعمدوا الظلم والجور.
٤٩ ـ حق أهل الملة :
« وأما حق ملتك عامة فإضمار السلامة ، ونشر جناح الرحمة والرفق بمسيئهم وتألفهم ، واستصلاحهم ، وشكر محسنهم إلى نفسه وإليك فإن إحسانه إلى نفسه إحسانه إليك ، إذ كف عنك أذاه ، وكفاك مؤونته ، وحبس عنك نفسه ، فعمهم جميعا بدعوتك ، وأنصرهم جميعا بنصرتك ، وأنزلهم جميعا منازلهم ، كبيرهم بمنزلة الوالد ، وصغيرهم بمنزلة الولد ، وأوسطهم بمنزلة الأخ ، فمن أتاك تعاهدته بلطف ورحمة ، وصل أخاك بما يجب للأخ على أخيه .. ».
لقد كرّم الإسلام الإنسان من أي ملة أو أصل كان ودعا إلى كرامته
__________________
(١) الشورى ، الآية ٤١ ـ ٤٣.
(٢) النحل ، الآية ١٢٦.