وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ... ) (١).
والحقيقة أن البصر نعمة كبرى لا يعرف قيمتها إلا من فقدها فهي تكشف للإنسان معالم طريقه فتعرفه على كل أمور حياته وتطل به على مباهج الدنيا وجمالاتها. فهل يرعى الإنسان هذه النعمة حق رعايتها ويصونها من التجاوز والابتذال؟
٦ ـ حق الرجلين :
« وأما حق رجليك فأن لا تمشي بهما إلى ما لا يحل لك ولا تجعلهما مطيتك في الطريق المستخفة بأهلها فيها ، فإنها حاملتك وسالكة بك مسلك الدين والسبق لك ولا قوة إلا بالله » (٢).
خلق الله الرجلين للإنسان نعمة عظيمة يسعى بهما إلى قضاء حوائجه لينال الأهداف البعيدة التي تتطلب حركة ومشيا لكن عليه أن يستخدم هذه النعمة في طاعة الله ومعونة عباده. فقد يقطع المسافات الطويلة من أجل إعانة فقير وقضاء حاجة إنسان مؤمن ينفس عنه كربه. وقد يقطع الصحراء ليؤدي فريضة الحج التي أوجبها الله على القادرين من عباده ، وقد يسعى برجليه للجهاد في سبيل الله والدفاع عن حقوق عباد الله المؤمنين ضد الطغاة المغتصبين.
كما يستطيع برجليه أن يعتدي على أعراض الناس وأموالهم ويفسد بين المتحابين منهم أو يقتل مسلما من عباد الله الصالحين دون حق. فبهما يمكنه تحصيل الحسنات كما أن بهما يستطيع أن يكتسب المحرمات. والسعيد من الناس من تتحرك قدماه في طاعة الله ورضوانه ، ينظر مواطن الثواب فييمم وجهه نحوها ، ويدرك مواطن الشر فيجنب قدميه عنها.
__________________
(١) النور ، الآية ٣٠ و ٣١.
(٢) الأصح أن يقال : حاملتاك وسالكتان بك.