منها مناجاة قلبية صعّدها الإمام من صدر حنون يفيض محبة للقاء وجه الله ، وشوقا للدار الآخرة ، وزهدا من هذه الدار الفانية وخوفا من العقاب ، وأملا في الرحمة والثواب. جاء في مستدرك الوسائل عن طاووس اليماني قال : « رأيت في جوف الليل رجلا متعلقا بأستار الكعبة وهو يقول :
ألا أيها
المأمول في كل حاجة |
|
شكوت إليك الضر
فاسمع شكايتي |
ألا يا رجائي
أنت تكشف كربتي |
|
فهب لي ذنوبي
كلها واقض حاجتي |
فزادي قليل لا
أراه مبلغي |
|
أللزاد أبكي أم
لطول مسافتي |
أتيت بأعمال
قباح ردية |
|
فما في الورى
عبد جنى كجنايتي |
أتحرقني بالنار
يا غاية المنى |
|
فأين رجائي ثم
أين مخافتي |
فإذا كان علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب المعروف بتقاه وصدق عبادته ، ولذلك سمي بزين العابدين ، والمشهور بفقهه وورعه وأعماله الصالحة يقول : إن زاده قليل وأتى بأعمال ردية فيرجو الله ، وهو متعلق بأستار الكعبة ، أن يقبل رجاءه ، ويقضي حاجته ؛ فماذا يقول غيره من المسلمين العاديين وماذا نقول نحن اليوم بعد أن انغمس أكثرنا بملذات هذه الدنيا الفانية ، وانجرف الكثير منا نحو تجميع المال متلهيا بالحياة المادية الخالصة. فكيف نواجه خالقنا عندما نقف بين يديه يوم الحساب يوم لا ينفع لا مال ولا بنون ولا أحساب ولا أنساب ولا جاه ولا عشيرة ، إلا من أتى الله بقلب سليم. فحسبنا الله ونعم الوكيل.
وجاء في المناقب عن طاووس أيضا قال : « رأيته يطوف من العشاء إلى السحر ويتعبد ، فلما لم ير أحدا رمق السماء بطرفه وقال : إلهي غارت نجوم سماواتك وهجعت عيون أنامك ، وأبوابك مفتحات للسائلين ، جئتك لتغفر لي وترحمني وتريني وجه جدي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم في عرصات القيامة. ثم بكى وقال : وعزتك وجلالك ما أردت بمعصيتي مخالفتك ، وما عصيتك إذ عصيتك وأنا بك شاك ، ولا بنكالك جاهل ولا لعقوبتك متعرض ولكن