والحقود يموت كمدا .. » (١).
يعد الحسد من أقبح الرذائل الخلقية التي تحل في نفس الحسود فتنكد عليه عيشه لأنه يتمنى زوال كل ما يشاهد من نعم أسبغها الله على عباده إلى نفسه وحده فلا يميز بين أخ وصديق أو جار ورفيق. يحب الخير لنفسه دون غيره.
وكم نرى مثل هؤلاء النموذج الفاسد في المجتمع المادي الصرف حيث تحل الأنانية القاتلة محل المحبة السالمة ، وتسود البغضاء والحقد بدل التآلف والإيثار. والحسود فقد الثقة بنفسه واستشعر بالعجز يسيطر عليه ويحول بينه وبين تحقيق غاياته. لذلك نهى الله تعالى عن الحسد وناشد عباده فقال سبحانه : ( وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ .. ) (٢). فلماذا الحسد والتحاسد ، فكل إنسان وما تكسب يداه وكل فرد وما يحقق بفضل فكره وجهده واجتهاده من هنا كان التفاضل بين بني البشر. فمن أراد السعادة فليسع إليها فلا عوائق تحول بينه وبينها إذا ما صمم بنية طيبة وقلب سليم ( فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ) (٣). وفي موضع آخر من القرآن الكريم أمر الله بالاستعاذة بالله من الحاسد قال سبحانه : ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ ) (٤).
والحقيقة أن الحاسد يستثير منا الشفقة لما يلاقيه من ألم نفساني الذي هو أشد وطأة عليه من الألم الجسدي. فهو قلق دائما لا يستلذ بطعم العيش ، ولا يستمتع بلذة النوم ، غريب بين الناس ، منعزل عن الأحباب والأصحاب ، وهل تحلو الحياة بدونهم؟!.
__________________
(١) زين العابدين للقرشي ، ص ١٠٨.
(٢) النساء ، الآية ٣٢.
(٣) الملك ، الآية ١٥.
(٤) سورة الفلق.