في أمره كل الجهد ، وقلبوا له الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون .
وكان أشد الناس عليه تأليباً وتحريضاً أسرته والأدنى فالأدنى من قومه إلا من عصم الله . وذكرت أن الله تعالى اجتبىٰ له من المسلمين أعواناً أيده الله بهم فكانوا في منازلهم عنده على قدر فضائلهم في الإِسلام ، فكان أفضلهم ـ زعمت ـ في الإِسلام وأنصحهم لله ولرسوله الخليفة وخليفة الخليفة ! لعمري إن مكانهما في الإِسلام لعظيم ، وان المصاب بهما لجرحٌ في الإِسلام شديد فرحمهما الله وجزاهما أحسن ما عملا ! وذكرت أن عثمان كان في الفضل تالياً ، فإن يك عثمان محسناً فسيجزيه الله بإحسانه وإن يك مسيئاً فسيلقى رباً غفورا ، لا يتعاظمه ذنب أن يغفره ، ولعمري إني لأرجو إذا أعطى الله الناس على قدر فضائلهم في الإِسلام ونصيحتهم لله ولرسوله أن يكون نصيبنا في ذلك الأوفر .
إن محمداً ( ص ) لما دعا إلى الإِيمان بالله والتوحيد له كنا أهل البيت أول من آمن به وصدقه فيما جاء ، فبتنا أحوالاً كاملةً مجرّمة (١) تامة ، وما يعبد الله في ربع ساكنٍ من العرب غيرنا ، فأراد قومنا قتل نبينا ، واجتياح أصلنا ، وهمُّوا بنا الهموم ، وفعلوا بنا الأفاعيل ، ومنعونا الميرة (٢) وأمسكوا عنا العذب وأحلسونا الخوف (٢) وجعلوا علينا الأرصاد والعيون ، واضطرونا إلى جبل وعر ، وأوقدوا لنا نار الحرب ، وكتبوا بينهم كتاباً ، لا يؤاكلوننا ، ولا يشاربوننا ، ولا يناكحوننا ، ولا يبايعوننا ولا نأمن منهم حتى ندفع إليهم محمداً فيقتلوه ويمثلوا به ، فلم نكن نأمن فيهم إلا من موسم إلى موسم . فعزم الله لنا على منعه ، والذب عن حوزته ، والرمي من وراء حرمته ، والقيام بأسيافنا دونه في ساعات الخوف بالليل والنهار ، فمؤمننا يرجو بذلك الثواب ، وكافرنا يحامي عن نفسه .
__________________
(١) مجرّمة : كاملة .
(٢) الميرة ـ المواد الغذائية .