كأن وجهه الذهب وهو يقول : يا أيها الناس ، إن هذا ابن أخي ، وهو كذاب ، فاحذروه . !! وكان ذلك الرجل عمه أبو لهب .
وكان أبو طالب ـ عم النبي ـ الداعم الأول لمحمدٍ والمساند له ، والمدافع عنه ، مما حدا برهط من قريش أن يجتمعوا ويتفقوا فيما بينهم على أن يواجهوه في أمر ابن أخيه علّه أن يحد من نشاطه ، ويخفف من عناده في أمر دعوته ، فدخلوا عليه وفيهم أبو جهل فقال : إن ابن أخيك يشتم آلهتنا ، ويسفه أحلامنا . . يقول . . ويقول . . ويفعل . . ويفعل . . فلو بعثت إليه فنهيته .
فبعث أبو طالب إلى النبي ، فجاء ( ص ) فدخل البيت ـ وكان بين أبي طالب وبين القوم قدر مجلس رجل ـ فخشي أبو جهل إن جلس محمد إلى جنب أبي طالب أن يكون أرق له عليه ، فوثب فجلس في ذلك المجلس ، ولم يجد رسول الله مجلساً قرب عمه ، فجلس عند الباب .
فقال أبو طالب : أي ابن أخي ، ما بال قومك يشكونك ، يزعمون أنك تشتم آلهتهم ، وتقول . . وتقول . . فابق عليّ وعلى نفسك ، ولا تحمّلني من الأمر ما لا أطيق !؟ فظن رسول الله ( ص ) أنه قد بدا لعمه فيه بداء ، وأنه خاذله ومسلمه وأنه قد ضعف عن نصرته والقيام معه ، فقال ( ص ) : يا عمّاه ، لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته . !! ثم استعبر رسول الله فبكىٰ . ثم قام .
فلما ولىّ ، ناداه أبو طالب فقال : أقبل يا بن أخي ، فأقبل عليه ، فقال : إذهب يا بن أخي ، فقل ما أحببت ، فوالله لا أسلمك لشيءٍ أبداً (١) وفي ذلك يقول أبو طالب :
__________________
(١) الطبري : ٢ / ٣٢٥ ـ ٣٢٦ .