خرج علي ( ع ) إليهم غداة ذلك اليوم فاستقبلوه ، رفع يديه إلى السماء وقال : « اللهم ربَّ هذا السقف المحفوظ المكفوف الذي جعلته محيطاً بالليل والنهار ، وجعلت فيه مجرى الشمس والقمر ، ومنازل الكواكب والنجوم ، وجعلت سكانه سبطاً من الملائكة لا يسأمون العبادة ، ورب هذه الأرض التي جعلتها قراراً للأنام والهوام والأنعام وما لا يُحصىٰ مما يُرىٰ ولا يُرىٰ من خلقك العظيم ورب الفُلْكِ التي تجري في البحر المحيط بما ينفع الناس ، ورب السحاب المسخّر بين السماء والأرض ، ورب البحر المسْجُور المحيط بالعالمين ، ورب الجبال الرواسي التي جعلتها للأرض أوتاداً ، وللخلق متاعاً ، إن أظهرتنا على عدونا فجنّبْنا البغي وسدّدْنا للحق ، وأن أظهرتهم علينا فارزقنا الشهادة ، واعصم بقية أصحابي من الفتنة .
وكان ( ع ) رجلاً ربعةً ، أدعجَ العينين ، كأن وجهه القمرُ ليلة البدر حسناً ، ضخم البطن ، عريض المسربة شثن الكفين ضخِم الكُسور ، كأن عنقه إبريق فضة ، أصلع ، من خلفه شعر صفيف ، لمنكبه مشاشٌ كمشاش الأسد الضاري ، إذا مشى تكفأ ومار به جسده ، ولظهره سنام كسنام الثور ، لا يبين عضده من ساعده ، قد أدْمِجَتْ إدماجاً ، لم يمسك بذراع رجلٍ قط إلا أمسك بنَفَسه فلم يستطع أن يتنفس ، ولونه إلى سمرة ما ، وهو أذلف الأنف ، إذا مشىٰ إلى الحرب هرول ، قد أيده الله في حروبه بالنصر والظفر .
على يزحف بجيشه
وكان على ميمنته يومئذٍ عبد الله بن بُدَيل الخزاعي ، وعلى ميسرته عبد الله بن العباس وقُرّاء العراق مع ثلاثة نفر هم ، عمّار بن ياسر ، وقيسُ بن سعد بن عبادة ، وعبد الله بن بُديل ، والناس على راياتهم ومراكزهم ، وعلي ( ع ) في القلب في أهل المدينة ، جمهورهم الأنصار ومعهم من خزاعة وكنانة عدد حسن .