بهما. وعلى كلّ واحدة من النّظريّتين فالكافر والمرتكب للكبائر ، صفر اليد يوم القيامة.
نعم ، هذا التّفسير إنّما نحتاج إليه في جانب الاحباط ، وأمّا في جانب التّكفير فلا حاجة إليه ، بل لنا أَن نقول إنّ التّوبة والأعمال المكفِّرة يذهبان العقاب المكتوب على المعاصي من دون حاجة إلى القول بكون الإستحقاق مشروطاً بالموافاة على الكفر ، لجواز تفضّله سبحانه بالعفو.
هذا ، ولا يصحّ القول بالإِحباط والتّكفير في كلِّ المعاصي عند النافي ، بل يجب عليه تَتَبُّعُ النّصوص، فكلّ معصية وردت في الكتاب أو في الآثار الصّحيحة إنّها مذهبة لأثر الإيمان والحسنة نقول بالاحباط فيها على التّفسير الّذي ذكرناه. وهكذا في جانب التّكفير فلا يمكن لنا أَن نقول إِنّ كلّ حسنة تُذهب السيّئة إلاّ بالنّص. وأمّا على قول المثبت فالظاهر أنّه يقول بأنّ كلّ كبيرة توجب الإحباط للأصل الّذي افترضه صحيحاً وهو خلود مرتكب الكبيرة في النّار على الإطلاق.
إلى هنا تمّ بيان دليل النّافين للإحباط على الوجه اللاّئق بكلامهم ، والإجابة عليه.
أدلّة مُثبِتي الإِحباط
استدلّ القاضي على ثبوت الإحباط بوجه عقليّ فقال : « قد ثبت أَنّ الثّواب (١) والعقاب يستحقّان على طريق الدّوام. فلا يخلو المكلّف إمّا أن يستحقّ الثّواب فيثاب ، أَو يستحقّ العقاب فيعاقب ، أَو لا يستحقّ الثّواب ولا العقاب ، فلا يثاب ولا يعاقب ، أَو يستحقّ الثّواب والعقاب ، فيثاب ويعاقب دفعة واحدة ، أَو يؤثّر الأكثر في الأقلّ على ما نقوله :
لا يجوز أن لا يستحقّ الثّواب ولا العقاب ، فإنّ ذلك خلاف ما اتّفقت عليه الاُمّة. ولا أَن يستحقّ الثّواب والعقاب معاً فيكون مثاباً ومعاقباً دفعة واحدة ، لأنّ ذلك
__________________
١ ـ يكفي في ذلك كونه مستحقاً للعقاب دائماً فقط ولا يتوقف على استحقاقه للثواب كذلك فلاحظ.