وفكرة الإرجاء فكرة خاطئة تضرّ بالمجتمع عامّة. وإنّما خصّص الإمام منهم الشباب لكونهم سريعي التقبّل لهذه الفكرة ، لما فيها من إعطاء الضوء الأخضر للشباب لاقتراف الذنوب والانحلال الأخلاقي والانكباب وراء الشهوات مع كونهم مؤمنين.
ولو صحّ ما ادّعته المرجئة من الايمان والمعرفة القلبيّة ، والمحبّة لإله العالم ، لوجب أن تكون لتلك المحبّة القلبيّة مظاهر في الحياة ، فإنّها رائدة الانسان وراسمة حياته ، والانسان أسير الحبّ وسجين العشق ، فلو كان عارفاً بالله ، محبّاً له ، لاتّبع أوامره ونواهيه ، وتجنّب ما يسخطه ويتّبع ما يرضيه ، فما معنى هذه المحبّة للخالق وليس لها أثر في حياة المحبِّ.
ولقد وردت الإشارة إلى التأثير الذي يتركه الحبّ والودّ في نفس المحبّ في كلام الإمام الصادق عليهالسلام حيث قال : « ما أحبّ الله عزّ وجلّ من عصاه » ثم أنشد الامام عليهالسلام قائلاً :
تعصي الإله وأنت تظهر حبّه |
|
هذا محالٌ في الفعال بديع |
لو كان حبّك صادقاً لأطعته |
|
إنّ المحبّ لمن يحبّ مطيع (١) |
إنّ للامام الصادق عليهالسلام احتجاجاً على المرجئة ، علّمه لأحد أصحابه وأبطل فيه حجّة القائل بكفاية الاقرار بالايمان قياساً على كفاية الانكار باللسان في الكفر ، وإليك الحديث : روى محمّد بن حفص بن خارجة قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : وسأله رجل عن قول المرجئة في الكفر والايمان وقال : إنّهم يحتجّون علينا ويقولون : كما أنّ الكافر عندنا هو الكافر عند الله ، فكذلك نجد المؤمن إذا أقرّ بإ يمانه أنّه عند الله مؤمن ، فقال : سبحان الله; وكيف يستوي هذان ، والكفر إقرار من العبد فلا يكلّف بعد اقراره ببيّنة ، والايمان دعوى لا يجوز إلاّ ببيّنة ، وبيّنته عمله ونيّته ، فإذا اتّفقا فالعبد عند الله مؤمن ، والكفر موجود بكلّ جهة من هذه الجهات الثلاث ، من نيّة ، أو
__________________
١ ـ سفينة البحار : ج ١ ص ١٩٩ مادة « حبب ».