خصوصيّة للفاعل ـ كيف يقوم بفعل ما يحكم بأنّ فاعله مستحقّ للذّم ، أو يقوم بفعل مايحكم بأنّه يجب التنزّه عنه؟!
وعلى ذلك فالله سبحانه عادل ، لأنّ الظلم قبيح وممّا يجب التنزّه عنه ، ولا يصدر القبيح من الحكيم ، والعدل حسن وممّا ينبغي الاتّصاف به ، فيكون الاتّصاف بالعدل من شؤون كونه حكيماً منزّهاً عمّا لا ينبغي.
وإن شئت قلت : إنّ الإنسان يدرك أنّ القيام بالعدل كمال لكلّ أحد ، وارتكاب الظّلم نقص لكلّ أحد. وهو كذلك حسب إدراك العقل ، عنده سبحانه. ومعه كيف يجوز أن يرتكب الواجب خلاف الكمال ، ويقوم بما يجرّ النّقص إليه؟!
قد عرفت أنّ الحسن والقبح أساس القول بالعدل ، وعنه تتفرّع عدّة مسائل تفترق فيها مدرسة الاعتزال عن مدرسة أهل الحديث والأشاعرة. ونحن نشير إلى عناوينها ، ثمّ نبحث عن كلّ واحد تلو الآخر وهي عبارة عن :
١ ـ الله قادر على القبيح.
٢ ـ أفعال العباد غير مخلوقة فيهم وأنّهم المحدثون لها.
٣ ـ الاستطاعة متقدِّمة على الفعل.
٤ ـ قبح التّكليف بما لايطاق.
٥ ـ الله تعالى لا يكون مريداً للمعاصي.
٦ ـ اللّطف واجب على الله سبحانه.
٧ ـ حكم القرآن الكريم من حيث الحدوث والقدم.
٨ ـ ما يتعلّق بالنبوّات والشرائع ومعاجز الأنبياء.
هذه هي المسائل المبنيّة على العدل ، ونحن نأخذ بالبحث عنها على منهج الاعتزال ، وسيوافيك أنّ ثمرات التّحسين والتّقبيح العقليّين أوسع مما ذكر.