يلاحظ عليه : أنّ الالتزام بقدم فعل الله سبحانه ولو واحداً ، يخالف التوحيد ويضادّه ، لأنّ قدم الشيء يلازم استغناءه عن الفاعل والموجد ، والمستغنى عن العلّة واجب ، كذات الواجب ، وهل هذا إلاّ الشّرك الصّريح.
وأنا أجلّ البزدوي عن الاعتقاد بما ذكره ، وإلاّ فأيّ فرق بين ذاك القول والثنويّة ، ولكنّ الإصرار على تصحيح المنهج ، والرأي المسبق ، أقحمه في مهالك الضلال. قال الامام علي عليهالسلام : « ألا وإنّ الخطايا خيل شُمُس حُمل عليها أهلها ، وخُلعَت لجمها ، فتقحّمت بهم في النّار » (١).
٣ ـ جعل التكوين غير المكوّن ، والخلق غير المخلوق مبنيّ على التغاير الجوهريّ بين المصدر واسمه ، فالايجاد هو المصدر ، والموجود هو نتيجته ، ولا أظنّ أن يقول به الماتريدي في سائر الموارد. فإذا ضرب زيد عمراً ، فالصّادر من زيد ، يسمّى بالمصدر ، والواقع على عمرو يسمى باسمه ، فهل يصحّ لنا أن نعتقد أنّ هنا أمرين ، أمر قائم بالفاعل ، وأمر قائم بالمفعول وهكذا غيره ، أو أنّ هنا شيئاً واحداً إذا نسب إلى الفاعل يسمّى مصدرا.ً وإذا نسب إلى المفعول يصير اسم المصدر ، وهذا هو الفرق بين الايجاد والموجود أيضاً.
٤ ـ الكلام النفسي لا يسمع :
الكلام النّفسي الّذي هو غير الحروف والأصوات لا يسمع خلافاً للأشعري. قال في « اشارات المرام » : « ولا يسمع الكلام النّفسي بل الدالّ عليه ، واختاره الاُستاذ ومن تبعه كما في « التبصرة » للامام أبي المعين النسفي » (٢).
وقد استند الأشعري في جواز السماع على الدّليل الّذي استند عليه في جواز
__________________
١ ـ نهج البلاغة الخطبة ١٥ ص ٤٤.
٢ ـ إشارات المرام ص ٥٥.