١ ـ الإساءة الكثيرة تسقط الحسنة القليلة من دون تأثير في تقليل الإساءة.
٢ ـ الإساءة الكثيرة تسقط الحسنة القليلة ، مع تأثير الإحسان في تقليل الإساءة.
٣ ـ إنّ الإساءة المتأخِّرة عن الطّاعات ، تبطل جميع الطّاعات من دون ملاحظة القلّة والكثرة.
إذا عرفت موضع النّزاع في كلام القوم ، فلننقل أدلّة الطّرفين :
أدلّة نفاة الإحباط
استدلّ النافون بوجهين : عقليّ ونقليّ.
أمّا الوجه العقليّ : فهو أَنّ القول بالإِحباط يستلزم الظّلم ، لأنّ من أساء وأطاع وكانت إساءته أكثر ، يكون بمنزلة من لم يُحسن. وإن كان إحسانه أَكثر ، يكون بمنزلة من لم يسىء. وإن تساويا يكون مساوياً لمن يصدر عنه أحدهما ، وهو نفس الظّلم (١).
يلاحظ عليه : أنّ الإِحباط إنّما يعدّ ظلماً ، ويشمُلُه هذا الدّليل ، إذا كان الأكثر من الإِساءة مؤثِّراً في سقوط الأقلّ من الطّاعة بالكلّية ، من دون أن تؤثّر الطّاعة القليلة في تقليل الإساءة الكثيرة ، كما عليه أبو عليّ الجبّائي. وأمّا على القول بالموازنة ، كما هو المحكيّ عن ابنه أبي هاشم ، فلا يلزم الظّلم ، وصورته أن يأتي المكلّف بطاعة استحقّ عليها عشرة أجزاء من الثّواب ، وبمعصية استحقّ عليها عشرين جزءً من العقاب ، فلو قلنا بأنّه يَحسُن من الله سبحانه أَن يفعل به عشرين جزءً من العقاب ، ولا يكون لما استحقّه من الطّاعة أيّ تأثير للزم منه الظّلم. وأَمّا إذا قلنا بأنّه يقبح من الله تعالى ذلك ، ولا يحسن منه أَن يفعل به من العقاب إلاّ عشرة أجزاء ، وأَمّا العشرة الاُخرى فإنّها تسقط بالثّواب الّذي استحقّه على ما أتى به من الطّاعة ، فلا يلزم ذلك.
يقول القاضي عبدالجبّار بعد نقل مذهب أبي هاشم : « ولَعَمري إنّه القول اللاّئق بالله تعالى. دون ما يقوله أبو عليّ والّذي يدلّ على صحّته هو أَنّ المكلّف أتى
__________________
١ ـ كشف المراد : ص ٢٦٠.