بالطاعات على الحدّ الذي أُمر به ، وعلى الحدّ الّذي لو أتى به منفرداً عن المعصية لكان يستحقّ عليها الثّواب ، فيجب أن يستحقّ عليها الثّواب وإن دَنّسها بالمعصية ، إلاّ أَنّه لا يمكن والحالة هذه أَن يوفّر عليه ، على الحدّ الّذي يستحقّه ، لاستحالته ، فلا مانع من أَن يزول من العقاب بمقداره ، لأنّ دفع الضّرر كالنّفع في أنّه مما يعدّ من المنافع.
ثمّ قال : فأَمّا على مذهب أبي عليّ فيلزم أن لا يكون قد رأى صاحب الكبيرة شيئاً ممّا أتى به من الطّاعات. وقد نصّ الله تعالى على خلافه » (١).
والأولى أن يستدلّ على بطلان الإحباط بأَنّه يستلزم خُلف الوعد إذا كان الوعد منجّزاً ، كما هو في محلّ النّزاع ، وأمّا إذا كان مشروطاً بعدم لحوق العصيان به ، فهو خارج عن محلِّ البحث هذا ، من غير فرق بين قول الوالد والولد.
وأمّا الوجه النّقلي ، فقوله سبحانه : ( فَمَن يَعْمَل مِثْقالَ ذَرَّة خَيْراً يَرَهُ ) ( سورة الزلزلة : الآية ٧ ).
يلاحظ عليه : أنّ الاستدلال بالآية إنّما يتمّ على القولين الأوّل والثّالث ، حيث لا يكون للإحسان القليل دور ، وأمّا على القول الثّاني ، فالآية قابلة للانطباق عليه ، لأنّه إِذا كان للإحسان القليل ، تأثير في تقليل الإِساءة الكثيرة ، فهو نحو رؤية له ، لأنّ دفع المضرّة كالنّفع في أنّه مما يُعَدّ منفعة. وهذا كما إذا ربح إنسان في تجارة قليلاً ، وخسر في تجارة أُخرى أكثر فأَدّى بعض ديونه من الرِّبح القليل.
نعم الظّاهر من الآية رؤية جزاء الخير ، وهو بالقول بعدم الإِحباط اَلصق واَطبق.
سؤال وإجابة
السؤال : لو كان القول بالاحباط مستلزماً للظّلم ، أو كان مستلزماً لخلف الوعد ، فما هو المخلص فيما يدلّ على حبط العمل ، في غير مورد من الآيات الّتي ورد فيها أنّ
__________________
١ ـ شرح الأصول الخمسة : ص ٦٢٩.