١٠ ـ قبول التوبة واجب على
الله أو تفضّل منه؟
اتفق المسلمون على أنّ التوبة تسقط
العقاب ، وإنّما الخلاف في أنّه هل يجب على الله قبولها فلو عاقب بعد التوبة كان
ظالماَ أو هو تفضل منه سبحانه؟فالمعتزلة على الأوّل ، والأشاعره والإماميّة على
الثاني .
قال المفيد :
« اتفقت الإماميّة على أنّ قول التوبة
بفضل من الله عزّ وجل ، وليس بواجب في العقول اسقاطها لما سلف من استحقاق العقاب ،
ولولا أنّ السمع ورد بإسقاطها لجاز في العقول بقاء التائبين على شرط الإستحقاق ، ووافقهم
على ذلك أصحاب الحديث ، وأجمعت المعتزلة على خلافهم وزعموا أنّ التوبة مسقطة لما
سلف من العقاب على الواجب .
و لقد أحسن ـ قدّس الله سره ـ حيث جعل
محور المسألة قبول التوبة وعدمه بما هو هو لابلحاظ آخر كما في صورة الأخبار بقبول
التوبة قال سبحانه : ( يَقْبَلُ التَّوبَةَ
عَنْ عِبَادِهِ )
( التوبة / ١٠٤ ). إذ عندئذ يجب قبول التوبة عقلا وإلالزم الخلف في الوعد. قال
الطبرسي في تفسير قوله سبحانه : ( إلاّ الَّذِينَ
تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فاُولئكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وأَنَا التَّوّاُب
الرَّحِيمُ )
( البقوة / ١٦٠ ). وصفحه بالرحيم عقيب التوّاب يدل على أنّ إسقاط العقاب بعد
التوبة تفضل منه سبحانه ورحمة من جهته ، على ما قاله أصحابنا ، وأنّه غير واجب
عقلاً على خلاف ماذهب إليه المعتزلة .
ومن أراد أنّ يقف على دلائل المعتزلة في
المقام فليرجع إلى كشف المراد شرح المقاصد.