ثم إنّ نظريتهم في استقلال العبد في الفعل مبنية على مسألة فليسفسة وهو أنّ حاجة الممكن إلى العلّة تنصر في حدوثه ، لافيه وفي بقائه ، وعلى ضوء ذلك قالوا با ستقلال العبد في مقام الإيجاد.
والمبنى والبناء كلاهما باطلان. أما الافتقار حدوثاً فقط ، فهو لا يجتمع مع كون الإمكان من لوازم الماهية وهي محفوظة حدوثاً وبقاء ، فكيف يجوز الغناء عن الفاعل بقاء.
قال الحكيم الشيخ محمد حسين الإصفهاني :
والافتقار لازم الإمكان |
|
من دون حاجة إلى البرهان |
لافرق مابين الحدوث والبقاء |
|
في لازم الذات ولن يفترقا |
هذا كله حول المبنى في التخلص عن الجبر استناد الفعل إلى الفاعل والخالق معاً ، لكن يكون قدرة المخلوق في طول قدرة الخلق ، ومنشعبة عنها ، وهذا يكفي في الاستناد وصحة الامر والنهي والتأديب والتثويب ، فالجبر والتوفيض باطلان ، والامر بين الامرين هو الحق الصراح ، وقد تواتر عن أئمة أهل البيت قولهم : لاجبر وتفويض لكن أمر بين الأمرين (١).
ثم إنّ الدافع إلى القول بالتفويض هو صيانة عدله سبحانه فزعموا أنّ الصيانه لها رهن ما ذهبت إليه الإماميّة ، ثم انهم وإنّ نزهوا العبد عن الظلم ولكن صورواله شريكا في الايجاد ، ولأجل ذلك قال الامام الرضا عليهالسلام :
« مساكين القدرية أرادوا أنّ يصفوا الله ـ عزّ وجلّ ـ بعدله ، فأخرجوه من قدرته وسلطانه (٢).
__________________
١ ـ الصدق : التوحيث ٨، ولاحظ الأحاديث الاُخرى.
٢ ـ نفس المصدر ، ص ٥٤، الحديث ٩٣.