وأمر المنصور عماله بمصادرة جميع أموالهم وبيع رقيقهم ، وقد صادر بالفعل أموال بني الحسن وكثير من العلويين وبني هاشم (١).
وأمر المنصور أيضاً باحضار محمد بن إبراهيم بن الحسن المثنّىٰ ، وكان آية في بهاء وجهه وجماله ، فالتفت نحوه وقال ساخراً : أنت المسمى بالديباج الأصفر ؟ فقال : نعم. قال الطاغية : أما والله لأقتلنك قتلة ما قتلها أحداً من أهل بيتك. ثم أمر باسطوانة مبنية ففرغت وأدخل فيها ، فبنيت عليه وهو حي ! (٢).
لقد أطلق هذا الطاغية يده في استخدام القوة ضد العلويين ، واتبع معهم سياسة « السيف والنطع » وخاض ضدهم حرباً ليس لها هوادة ولا يخف لها أوار ، فقد كمّم أفواههم وزجهم في السجون ، وكان يتميز من الغيظ ضد كل علوي ، فمرت الأحداث تنفث سمومها ، وتبعث بلهبها لتكوي آل علي بكل ما يشيب الطفل. وكان أبو جعفر المنصور يخشى على منصبه مما وصل إليه الإمام الصادق عليهالسلام من علو المنزلة وسمو المكانة بين المسلمين ، حتى أن المنصور كان يصفه بأنه (الشجىٰ المعترض حلقه) (٣). وقد استدعى هذا الطاغية إمامنا الصادق عليهالسلام إلى العراق ، ليوقفه بين يديه ، يريد بذلك استنقاصه أمام أعين الناس والتصغير من شأنه. ولكن ما زاده ذلك إلّا علواً إذ كان اقبال الناس على الإمام الصادق عليهالسلام وشدّهم الرحال إليه قد أثار مخاوف العباسيين وباتوا يلوحون بالعصا العباسية
________________
(١) مقاتل الطالبيين / أبو الفرج الأصبهاني : ٢٧٣.
(٢) تاريخ الطبري ٩ : ٣٩٨.
(٣) انظر : تاريخ اليعقوبي ٣ : ١١٧.