أحد منهم ولم يسألوه عن شيءٍ ، وأمسينا فنهض المأمون والرِّضا عليهالسلام فدخلا وانصرف الناس.. (١).
ويلاحظ أن الإمام عليهالسلام قد اتبع المنهج العقلي مع غير أهل الكتاب كأصحاب زرادشت ورؤساء الصابئين ، وذلك لأن هؤلاء لا يؤمنون بالنقل أو النصوص من حيث الأساس.
وإذا أمعنا النظر في طريقة حواره مع الزنادقة نجد أنه اتبع معهم ذات المنهج الأخير ـ أي المنهج العقلي ـ لعدم إيمان هؤلاء باللّه تعالى وكتبه وأنبيائه ، وكان يتبع مع أمثال هؤلاء أسلوب (التداول الحرّ للأفكار) ، يتّضح لنا ذلك من خلال حوار الإمام عليهالسلام مع أحد الزنادقة :
عن محمد بن عبد الله الخراساني ، خادم الرضا عليهالسلام ، قال : دخل رجل من الزنادقة على الرضا عليهالسلام وعنده جماعة ، فقال له أبو الحسن عليهالسلام : « أرأيت إن كان القول قولكم ، وليس هو كما تقولون ، ألسنا وإياكم شرع سواء ، ولا يضرّنا ما صلينا وزكينا وأقررنا ؟ » فسكت ، فقال أبو الحسن عليهالسلام : « وإن يكن القول قولنا ، وهو قولنا ، وكما نقول ، ألستم قد هلكتم ونجونا ؟ ».
قال : رحمك الله فأوجدني كيف هو ؟ وأين هو ؟ قال : « ويلك ، إن الذي ذهبت إليه غلط ، وهو أيّن الأين ولا أين ، وكيّف الكيف وكان ولا كيف ، فلا يُعرف بكيفوفية ، ولا بأينونية ، ولا يدرك بحاسة ولا يُقاس بشيء ».
قال الرجل : فإذن انه لا شيء إذا لم يدرك بحاسة من الحواس !
________________
(١) التوحيد : ٤١٧ ـ ٤٤٠ ، باب (٦٥).