حق ويجيبه في أكثر أحواله بما يُغيظه ويحقده عليه ، ولا يُظهر ذلك له ، وكان عليهالسلام يُكثر وعظه إذا خلا به ، ويخوّفه الله تعالى ، وكان المأمون يظهر قبول ذلك ويبطن خلافه » (١).
كان الإمام الرضا عليهالسلام لا يبخل على المأمون بنصائحه القيمة ، وخاصة ما يتعلق بالشؤون العامة ، ويمحضه اياها ولو تعارضت مع مصلحته الشخصية ، إحساساً منه بالمسؤولية الشرعية ، وبأن الدين النصيحة.
يروي سبط ابن الجوزي ان الرضا عليهالسلام قال للمأمون : « النصح لك واجب ، والغش لايحل للمؤمن ، إن العامة تكره ما فعلت معي ، والخاصة تكره الفضل بن سهل ، والرأي أن تنحينا عنك حتى تستقيم لك الخاصة والعامة ، فيستقيم أمرك » (٢).
ثانياً : دافع الحسد :
وجد المأمون أن إمامنا قد بهر الألباب وحير العقول بعلميته الفائقة وقطعه لحجة كل من حاجه أو ناظره. كما وجد أن إمامنا أظهر قدرة فائقة على مداراة الناس وحسن التصرف مما جعل الجماهير تتعاطف معه وتتبارى في تكريمه والاحتفاء به ، فحسده على مكانته العالية في نفوس العلماء والعوام على حد سواء ، وكان ذلك أحد الدوافع التي جعلته يقدم على قتله حسداً له :
عن أحمد بن علي الأنصاري ، قال : سألت أبا الصلت الهروي فقلت
________________
(١) اعلام الورى ٢ : ٨٠ ، باب (٦).
(٢) تذكرة الخواص : ٣٥٥.