الناس لايقبل النَّصح ولاتُجدي معه الموعظة ، ففي هذه الحالة يرى الإمام عليهالسلام بأن من العبث محض النصيحة لأمثال هؤلاء :
جاء قوم بخراسان إليه عليهالسلام فقالوا : إن قوماً من أهل بيتك يتعاطون أموراً قبيحة ، فلو نهيتهم عنها ؟ قال : « لا أفعل » ، فقيل : ولم ؟ قال : « سمعت أبي عليهالسلام يقول : النصيحة خشنة » (١).
جـ ـ عدم الرضا عن المنكر : يصوغ لنا الإمام عليهالسلام قاعدة حضارية كبرىٰ لو طبقت على صعيد العالم لعم السلام والأمن الأرض ألا وهي « قاعدة الرضا » فهو يقرر بحق : « أن من رضي شيئاً كان كمن أتاه » لكون الرضا هو الأساس النفسي للفعل ، وبمقتضى هذه القاعدة : من رضي عن الفعل الحسن فهو يشارك في ثوابه ، أما من رضي بالفعل القبيح فسوف يشترك في الإثم المترتب عليه ، وهذه القاعدة لم تأت من فراغ ، وانما تنبثق من دستور الإسلام العظيم قرآناً وسنة.
وتتّضح لنا أبعاد هذه القاعدة لو علمنا بأن كثيراً من الجرائم والتجاوزات تقع ويتكرر وقوعها بسبب رضا البعض بوقوعها أو سكوته حيالها ، فلو رفع كل إنسان صوته ضد الظلم والعدوان لاندحر الباطل وعلا صوت الحق.
عن عبد السلام الهروي ، قال : قال الرضا عليهالسلام : « من رضي شيئاً كان كمن أتاه ، ولو أن رجلاً قتل بالمشرق فرضي بقتله رجل في المغرب لكان الراضي عند الله عزّوجلّ شريك القاتل.. » (٢).
________________
(١) كشف الغمة ٣ : ٨٦ ، باب : ذكر طرف من دلائله وأخباره.
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ٢٤٧ ، ح ٥ ، باب (٢٨).