ب : وكذلك يقتضي عدم الفرق بين أن يكون الغير الذي دخل فيه من الأفعال المستحبّة للصلاة أو الواجبة. وتوهّم كونه مخصوصا بالواجبات فاسد.
وكذا بين الأفعال المطلوبة حقيقة ، أو تبعا.
وتحقيق المقام : أنّك قد عرفت وجوب الإتيان بالمشكوك فيه قبل دخوله في غيره ، ووجوب المضيّ بعده.
وقد وقع الخلاف في ذلك الفعل الذي يتجاوز المحلّ بالدخول فيه ، هل هو ما كان من الأفعال الحقيقيّة للصلاة ، المطلوبة بالذات ، المقرّرة بالترتيب الخاصّ في كتب الفقهاء من النيّة ، والتكبير ، والقراءة ، ونحو ذلك من الأمور المعدودة فيها ، أو الأعمّ منها ومن مقدّمات تلك الأفعال أيضا ، كالهويّ للسجود ، والانحناء للركوع ، والنهوض للقيام ونحو ذلك.
فاختار الشهيدان (١) ، وغيرهما (٢) الأوّل ، لأنّه المتبادر من الغير الذي حكم في الأخبار بالمضيّ بعد الدخول فيه ، ولعموم صحيحة ابن جابر ، وخبر أبي بصير المتقدّمتين (٣) ، سيّما مع تذييله بعد ذلك بقوله : « كلّ شيء شكّ فيه بعد ما جاوزه .. » فإنّ الظاهر منه أنّ هذا هو التجاوز.
وخصوص موثّقة البصري : رجل رفع رأسه من السجود ، فشكّ قبل أن يستوي جالسا ، فلم يدر سجد أم لم يسجد ، قال : « يسجد » قلت : فرجل نهض من سجوده فشكّ قبل أن يستوي قائما ، فلم يدر سجد أم لم يسجد ، قال « يسجد » (٤).
ولعطف قوله : « دخلت في غيره » في صحيحة زرارة (٥) ، بلفظة « ثمَّ » الدالّة
__________________
(١) الشهيد الأول في البيان : ٢٥٣ ، الشهيد الثاني في الروضة ١ : ٣٢٣ ، والروض : ٣٤٩ ، والمسالك ١ : ٤١.
(٢) كصاحبي الحدائق ٩ : ١٧٩ ، والرياض ١ : ٢١٦.
(٣) في ص ١٦٦.
(٤) التهذيب ٢ : ١٥٣ ـ ٦٠٣ ، الاستبصار ١ : ٣٦١ ـ ١٣٧١ ، الوسائل ٦ : ٣٦٩ أبواب السجود ب ١٥ ح ٦.
(٥) المتقدمة في ص ١٦٦.