يتعارضان في العالم الفاسق ، ويدور الامر بين تقييد قوله : « أكرم العالم » بغير الفاسق ، وبين تخصيص قوله : « لا تكرم الفساق » بما عدا العالم ، ولكن شمول العام الأصولي لمورد الاجتماع أظهر من شمول المطلق له ، لان شمول العام لمادة الاجتماع يكون بالوضع (١) وشمول المطلق له يكون بمقدمات الحكمة ، ومن جملتها عدم ورود ما يصلح أن يكون بيانا للتقييد ، والعام الأصولي يصلح لان يكون بيانا لذلك ، فلا تتم مقدمات الحكمة في المطلق الشمولي ، ولابد حينئذ من تقديم العام الأصولي وتقييد المطلق بما عدا مورد الاجتماع. ولا مجال لتوهم العكس وتخصيص العام الأصولي بالمطلق الشمولي ، فان المطلق لا يصلح للتخصيص إلا إذا تمت فيه مقدمات الحكمة ، ومع وجود العام الأصولي لا يكاد يتم فيه مقدمات الحكمة ، لأنه يصح للمتكلم الاعتماد في بيان مراده على ظهوره الوضعي ، فالمطلق لا يصلح لان يكون مخصصا للعام
__________________
مرامه بالكلام السابق ، إذ لبيان تمام المرام مقام ولتماميته في موضوع المرام واقعا مقام اخر ، لامكان تخلف مقام البيان عن الواقع ولو لمصلحة في إخفاء الواقع فعلا ، غاية الامر يعطي الظهور الذي هو حجة على العبد إلى أن ينكشف الخلاف ، ولذا يكون المطلقات بتمامية مقدمات الحكمة من ظواهر الألفاظ ، وإلا فلو كان الغرض بيان تمام المرام واقعا يلزم كون المطلق داخلا في النصوص القطعية ، ومن لوازم ذلك عدم كفاية الفحص مع بقاء الشك في وجود القرينة المنفصلة في استفادة الاطلاق ، لعدم الجزم بتمامية المرام واقعا ، وهو كما ترى! فلا محيص من الالتزام بكون المطلقات بعد تمامية مقدمات الحكمة من الأدلة الظنية دلالة لا قطعية ، كي لا ينافيه الشك في جزء المرام بعد الفحص ، وحينئذ لا محيص إلا من تفكيك دلالته عن الواقع. وعليه : يكفي في دلالته المزبورة ما ذكرنا من مقام البيان ، وبعد إحراز هذا المقام من المتكلم بملاحظة غلبة هذا المقام مع واقع المرام نوعا يحصل من المقدمات المزبورة دلالة تصديقية نوعية على مرامه واقعا ، كما هو الشأن في كل لفظ صادر من المتكلم الذي كان في مقام الإفادة والاستفادة ، فان الدلالة التصديقية التي هي مدار الحجية في باب الألفاظ على إحراز هذا المقام ، كما لا يخفى ، فتدبر فيما قلت كي ترى عدم تمامية النتيجة المزبورة.
١ ـ أقول : كيف يكون ذلك بالوضع مع الالتزام باحتياج مدخول العام إلى مقدمات الحكمة على مختاره؟!.