ومنها :
« قاعدة الفراغ والتجاوز »
فقد قيل : بكونها من الامارات لما فيها من الكاشفية ، فان الغالب عند تعلق الإرادة بالفعل المركب من الاجزاء هو الجري على وفق الإرادة والآتيان بكل جزء في المحل المضروب له وإن لم يلتفت تفصيلا إلى الجزء في محله ولم يتعلق القصد به كذلك بل كان مغفولا عنه في محله (١) إلا أنه مع ذلك يأتي المكلف بالجزء في محله قهرا جريا على الإرادة السابقة في أول الشروع في العمل المركب ، فالإرادة المتعلقة بالكل عند الشروع فيه هي التي توجب الاتيان بكل جزء في محله ، ولا يحتاج غالبا إلى تعلق إرادة مستقلة بكل جزء جزء في محله ، فان الإرادة الأولية حيث كانت محفوظة في خزانة النفس كان الشخص مقهورا في الجري على وفقها ما لم تحدث إرادة أخرى مضادة للإرادة الأولية ، فالغالب عند تعلق الإرادة بالفعل المركب هو الاتيان بأجزائه في محالها ، والشارع قد اعتبر هذه الغلبة ، كما يومي إليه قوله عليهالسلام في بعض أخبار الوضوء : « هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك » (٢) فتكون القاعدة من الامارات الكاشفة عن وقوع الفعل المشكوك فيه ، وحينئذ تكون القاعدة حاكمة على استصحاب عدم وقوع الفعل المشكوك فيه ، كحكومة سائر الامارات الاخر عليه.
__________________
١ ـ أقول : على تقدير هذه الغلبة ظهور اخباره المأخوذ في موضوعها الشك ينادي بالغاء جهة كشفه ، وما في بعض الاخبار : من التعليل بالأذكرية ، محمول على بيان حكمة الجعل ، لا انه موضوع الجعل تتميم كشفه بقرينة الاخبار الاخر الظاهرة في كونها في مقام التعبد بوجود المشكوك في ظرف الشك ، كما لا يخفى.
٢ ـ الوسائل : الباب ٤٢ من أبواب الوضوء الحديث ٧.